الوقوف ضد الباطل

 

(حول اعتداء اليهود على المسجد الأقصى والمصلين فيه )

الحمد لله العزيز الوهاب، القاهر القادر الغلاب، يمهل للظالم ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمه، وأسأله أن يرفع عنا أسباب سخطه ونقمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى اله وصحبه.

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله -تعالى - وأطيعوه، واتبعوا أمره ولا تعصوه، وتمسكوا بدينكم القويم، حققوا إسلامكم، حققوا إيمانكم بربكم،فإن تحقيق الإيمان بالعمل الصالح هو المقصود، وإن مجرد الانتساب أو التسمي بالإيمان بدون قيام والتزام بالواجبات الشرعية, وترك للمحرمات الدينية لا يجدي شيئا، وإن من أبرز علامات الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، والموالاة والمعاداة من أجل العقيدة الحقة، ودين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه، ولا يرضى من الأديان غيره, فكل دين غير دين الإسلام فهو باطل، وغير مقبول عند الله يقول سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85].

فدين الإسلام هو الحق وما سواه فهو باطل وضلال يقول سبحانه: { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32].

 ومن المعلوم أن عداوة الدين هي أقسى العداوات وأشدها، وهي التي لا هوادة في عداوتها، ولا مجال للصلح فيها، فكل العداوات قد يرجي زوالها،أو خفتها إلا عداوة من يعاديك من أجل عقيدتك ودينك، إلا أن تتبعه، وتسير معه على دينه، ومبدئه مهما كان، يقول سبحانه: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة: 120].

 وكل من كان أبعد عن الحق وأعمق في الباطل كانت عداوته لأهل الحق أشد وأبشع،ولهذا كانت عداوة اليهود وعداوة المشركين أشد العداوات على الإسلام وأهله، لا يألون جهدا في الوقيعة بالمسلمين في دمائهم، وأعراضهم، وأموالهم، يقول سبحانه: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].

فهؤلاء اليهود الذين لعنهم الله، وجعل منهم القردة والخنازير، وعبد الطاغوت، ووصفهم بأنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42].

وأنهم قالوا: عزير ابن الله، وقالوا: إن الله ثالث ثلاثة، وقالوا: يد الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، تعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون الجاحدون علوا كبيرا، يقول سبحانه في وصفهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64].

إن هؤلاء اليهود هذا دأبهم في غابر الأزمان، وهذا ديدنهم مع سائر الأنبياء والمرسلين وأولياء الله المتقين، إنهم أصحاب الرذيلة, وأعداء الفضيلة، أعداء الله، وأعداء رسل الله، لا يعرفون عرفا، ولا يتحاشون نكرا, إن الشعب اليهودي نشأ وتربى على عبادة المادة وعداوة الحق، والاتصاف بالظلم، والشقاق، والبغي، والعناد، فهل يرجي ممن هذه صفته أن يتصف بشيء من الصلح والإصلاح؟ كلا، فمهما حاول أحد من زعماء المسلمين أن يكف شرهم بغير القوة، فإنما يبني الرجاء على شفير هار، إنهم أعداء الإسلام، أعداء العدل والسلام، أعداء المرسلين، وعباد الله المؤمنين، لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، وأولئك هم المعتدون.

كم تكرر منهم العداء على الآمنين، وكم تجبروا على المستضعفين، وكم نكثوا أيمانًا وعهودًا, وكم نبذوا مواعيد ومواثيق، لقد استمرأوا إزهاق الأرواح، واغتصاب الأموال، وانتهاك الحرمات، لقد تجرأوا على حرق المسجد الأقصى، والاستهانة به، وبشعائر دين الإسلام وهم الآن يعيدون الكرة، ويحاولون هدمه، ونسفه على عباد الله القانتين، والقائمين، والركع السجود، إن هذه الفعلة الشنعاء، وهذه الجريمة الكبرى وهي تخريب بيوت الله التي: {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36- 37].

هذا من أبشع الظلم والعدوان ولم يكتفوا بهذه الجريمة الكبرى، بل قتلوا المؤمنين الآمنين في بيت الله المقدس، بغيا وعدوانا, واستهانة بالمسلمين، واحتقارًا لهم، وجرحا لشعور عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أين المسلمون،وغيرتهم على شعائر دينهم، ومقدساتهم، ومواطن عباداتهم؟

إن كل مسلم يحتم عليه واجبه الديني العمل بما يستطيع من مناصرة للحق، وجهاد أعداء الملة والدين، جهاد صدق وحق، جهاد لله لا لغرض آخر بل لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، جهاد بالنفس وطلب الشهادة، جهاد بالمال وبذله في سبيل الله، جهاد بالقلم واللسان،جهاد بالدعوات القلبية، ورفع الأكف في الأسحار إلى الله الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي يقول للشيء: كن فيكون، ولكن يا عباد الله إن النصر والانتصار لا يتحقق، والدعاء لا يستجاب ما لم يستكمل شروطه، وهو الإيمان بالله على الوجه الصحيح، الإيمان الحقيقي الذي وصف أهله بقول سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [الأنفال: 2 - 4].

هذا وصف المؤمن الحقيقي الصادق في إيمانه، أما إذا كان الإيمان بمجرد الاسم فهذا لا يجدي شيئا، والله لا تخفى عليه خافية، فأين الإيمان ممن يعتنق المبادئ الهدامة، ويجري وراء التيارات المنحرفة، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يحافظ على صلاته وصيامه، ولا يتقيد بالأوامر الإلهية والإرشادات النبوية، لا إيمان يربطه بربه، ولا صلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر، ولا صدق معاملة مع الله تحميه من الانزلاق في مهاوي الشكوك والارتياب فاتقوا الله عباد الله وحققوا إيمانكم بربكم يحصل لكم الفوز المبين والنصر والتمكين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78].

 نفعني الله وإياكم بالقران العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

أول الخطبة الثانية

الحمد لله الولي الحميد، أحمده سبحانه وأشكره، وأساله من فضله المزيد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله وعد المتقين من عباده بالعون والتأييد والنصر والفوز المبين يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل: 128]. فمتى اتصف العبد بالتقوى والإحسان وسار على منهج الحق والإيمان، حصل له كل مرغوب، وسلم من كل مرهوب،فإذا انتفت التقوى والإحسان انتفت المعية الخاصة التي وعد الله بها عباده المؤمنين المتصفين بها، والتي يحصل لهم بها النصر، والتأييد من الله جل وعلا.

 

 

 

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 20الوقوف ضد الباطل.doc81.5 كيلوبايت
 

(حول اعتداء اليهود على المسجد الأقصى والمصلين فيه )

الحمد لله العزيز الوهاب، القاهر القادر الغلاب، يمهل للظالم ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمه، وأسأله أن يرفع عنا أسباب سخطه ونقمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى اله وصحبه." data-share-imageurl="">