فضل رمضان والقيام بحقه

الحمد لله ذي الفضل والإنعام، أنعم على عباده بالنعم الجسام، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله العفو والغفران، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه .

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقواه جنة من عذابه، اتقوه بامتثال أوامره والمحافظة عليها . اتقوه باجتناب نواهيه والبعد عنها . اتقوه يفرج همومكم ويدر عليكم أرزاقكم . { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:2-3]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[الأحزاب:70-71]. قووا صلتكم بربكم بدوام ذكره وشكره، يقول سبحانه:{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }[البقرة:152].

قوموا بتحقيق توحيده، وعبادته، وإخلاص العمل له وحده، فهو سبحانه المالك لكل شيء، وكل شيء تحت قهره وقبضته، ليس هناك أحد يستطيع أن ينفع أو يضر أحدًا من دون الله{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154] { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ }[سبأ:22-23]. {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13-14].

عباد الله: إنكم في شهر كريم، وموسم عظيم، فتعرضوا لنفحات مولاكم بالتوبة الصادقة، والاستغفار، والتضرع، والافتقار، فعسى أن تفوزوا في شهركم بالعتق من النار، تصدقوا على الفقراء والمحتاجين، والمنكوبين والمعوزين، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.

أخرجوا زكاة أموالكم التي امتن الله بها عليكم، فقد أعطاكم الكثير وأرضى، وطلب منكم اليسير قرضًا{ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ }[التغابن:17].

عباد الله: إن تلاوة القرآن الكريم من أجل الطاعات، وأفضل القربات خاصة في هذا الشهر الكريم، الذي أنزل فيه القرآن، فإن له ميزة على ما سواه من الأوقات والشهور، وقد كان r يكثر التلاوة في رمضان أكثر من غيره، وكان جبريل u ينزل عليه r يدارسه القرآن كل سنة في رمضان، وفي السنة الأخيرة من عمره r عرض عليه القرآن مرتين .

وقد كان r يحث أصحابه على التلاوة، ويرغبهم فيها، ويبين لهم فضلها . فقد روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف » ([1]).

عباد الله: اغتنموا هذه الأوقات المباركات، اغتنموا أيامها بالمحافظة على الصيام، ولياليها بالمداواة على القيام . صوموا عن اللغو والرفث، وابتعدوا عن السباب والفسوق، وأكثروا من ذكر الله والتوبة والاستغفار، وعظموا شهركم، واحترموا صيامكم، فإن كثيرًا من الناس لم يحترموا هذا الشهر الكريم، ولم يقدروه حق قدره . فهل نحن آمنون من مكر الله وعقوبته ؟ هل نحن مخلدون في هذه الحياة الدنيا ؟ كم ارتحل أقوام من قصورهم الشاهقة، ثم صاروا إلى قبور موحشة ولحود مظلمة، ولم يجدوا سوى عملهم الصالح، ولم يغن عنهم ما كانوا يجمعون، كم تناولوا الحرام وأكثروا من الزلل والآثام
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:3] .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:133-134] .

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

 

 

([1])    رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن رقم (2910) .

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 6فضل رمضان والقيام بحقه.doc71.5 كيلوبايت
الحمد لله ذي الفضل والإنعام، أنعم على عباده بالنعم الجسام، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله العفو والغفران، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين . اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه .

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقواه جنة من عذابه، اتقوه بامتثال أوامره والمحافظة عليها ." data-share-imageurl="">