معالي الشيخ د صالح بن حميد

ثلمة الحرم في فقد الإمام العلم

معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد

إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمستشار بالديوان الملكي

« الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

إن مآثر العلماء العلمية والعملية يزهو بها التأريخ كما تزهو بها المحابر والأوراق، فهي تلخص للأجيال مواقف، وشواهد صناع التأريخ، فبعث تلك المآثر هو نوع من أحياء النفوس، واستجلاب الرموز العاملة في واقع المسلمين، الذين كانوا نبراس هداية وإصلاح، وبناء علمي ومعرفي في جوانب عدة، ومن هؤلاء الأفذاذ صاحب المعالي العالم الأديب الحافظ المسند الشيخ / محمد بن عبد الله السبيل رحمه الله، فقد كان رحمه الله مسطور ومنطوق يستحق النشر والإبراز، ليستجلي منه الناظر مقام الشيخ رحمه الله في الميدان العلمي والعملي.

فللشيخ رحمه الله مدونات علمية تعنى بإبراز أثر الكتاب والسنة النبوية ومقامهمها، في الارتقاء بحياة الناس على تعددها وتنوعها، وتهذيب النفوس وتقريب منهج التربية الإسلامية، وبيان الحق فيما يجب على الخلق في حق الله سبحانه، ثم حق الغير والنفس، ورسم المنهج الأسمى في بيان دعوة محمد عليه الصلاة والسلام، وتبيين دلائل نبوته وحتمية محبته ونصرته، وكشف مقام الصحابة وإعلان فضائلهم، وتجلية العقيدة الصافية، من خلال شرح مسائل الجاهلية، وتأصيل طبيعة العلاقة المتبادلة بين الراعي والرعية. توزعت على أرباع الدين، ربع العبادات، وربع المعاملات، وربع المنجيات، وربع المهلكات.

واجتمع للشيخ على منبر المسجد الحرام خطب عدة، عالجت قضايا متنوعة، جمع فيها بين التأصيل والبيان، في أسلوب واضح لكل سامع.

وإن علم الحديث ذو أولوية في حياة الشيخ على مستوى الدراية والرواية، فخط قلمه رسالة في الإجازة بالرواية، فقد كان من المسندين في رواق الحرم المكي، وهو مبصر لمواقع الإسناد ومواضعه العالي منه والنازل، فتسلسلت له مدونات الحديث، وأهل العلم بين الإجازة والوجادة.

من جميل ما جمع للشيخ محادثته للمجتمع من خلال منصة الإذاعة في برامج علمية، وأخرى إفتائية اشتملت على النصيحة في الشأن الاجتماعي، والتربوي، والفقهي، والموعظة المتنقلة بين الترغيب والترهيب.

وللحرمين في اهتمام الشيخ سبق للعناية والرعاية، فقد وظف قلمه البحثي في تأصيل بعض المسائل المتعلقة بأحكامهما، وسطر رصدًا كشف به معالم الرعاية لهما.

ومن فضل الله أن جميع هذا المنثورات العلمية قد جمعت في هذه الأسفار المستلسلة؛ لتبرز جهد الشيخ رحمه الله ومجهوداته، فيظفر محبو الشيخ بتركته العلمية، لينهلوا منها المعاني الشرعية، ويتأملوا من خالص التوجيهات والإرشادات التربوية.

وقد أحسن الجامع فضيلة الدكتور عبد المجيد بن محمد السبيل، ومن بعده الشيخ أحمد بن فهد الشويعر، في بناء هذا السفر المدبج بترجمة حافلة لشيخنا العالم الأديب محمد بن عبد الله السبيل، التي جلت سيرة الشيخ من درجة في العلم إلى ارتقائه سلم المسؤولية.

ثم جاءت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتوجيه من معالي رئيسه الزميل الصديق الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، لتضمين هذه الثمار، وتجميعها في هذا السفر ذي المجلدات؛ ليبقى ذخرًا وذكرًا لشيخنا محمد، أسبل الله عليه شآبيب رحمته.

سائلاً المولى أن يرحم الشيخ رحمة واسعة، وأن يبلغه أعلى المنازل في الجنة، وأن يبارك في علمه وينفع به، وأن يوفق ذريته لكل خير في أمر الدين والدنيا .

المصدر: كلمة الشيخ في مقدمة المجموعة الكاملة لمؤلفات سماحة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل رحمه الله.

اختيار الموضوع في: 
ثلمة الحرم في فقد الإمام العلم

معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد

إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمستشار بالديوان الملكي

« الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

إن مآثر العلماء العلمية والعملية يزهو بها التأريخ كما تزهو بها المحابر والأوراق، فهي تلخص للأجيال مواقف، وشواهد صناع التأريخ، فبعث تلك المآثر هو نوع من أحياء النفوس، واستجلاب الرموز العاملة في واقع المسلمين، الذين كانوا نبراس هداية وإصلاح، وبناء علمي ومعرفي في جوانب عدة، ومن هؤلاء الأفذاذ صاحب المعالي العالم الأديب الحافظ المسند الشيخ / محمد بن عبد الله السبيل رحمه الله، فقد كان رحمه الله مسطور ومنطوق يستحق النشر والإبراز، ليستجلي منه الناظر مقام الشيخ رحمه الله في الميدان العلمي والعملي." data-share-imageurl="">