تربية النشء

 

الحمد لله المنعم المتفضل، دائم المن والإحسان، ومسدي النعم الجسام. أحمده سبحانه وهو للحمد أهل، وأشكره على ما أولاه من الإنعام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شرفت به العرب على سائر الأمم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه.

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله، واعلموا أن نعم الله على عبادة، تتوالى، وإحسانه وآلائه تتجدد على خلقه في كل لحظة من اللحظات، وأن من أعظم نعم الله على عباده الذرية الصالحة، فالولد إذا كان صالحا قرت به عينا والديه وسرهما في حال الحياة وحال الممات. ونفعهما في الدنيا بالبر والإحسان، والصحبة الحسنة، وخفض الجناح لهما، وإذا كانا في عالم الأموات نفعهما بالدعاء لهما والترحم عليهما وبالصدقة عنهما والاستغفار لهما امتثالا لقول ربه سبحانه وتعالى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }[الإسراء:24]. فهما في قبريهما يتوالى عليهما إحسانه وبره بهما يقولr: (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقه جاريه، أو علم ينتع به، أو ولد صالح يدعوا له )).

فاعلم أيها المسلم، أن من أعظم أسباب صلاح البنين والبنات القيام عليهم، التفقد لشئونهم وأحوالهم، وتأديبهم الأدب الشرعي بدون شدة وعنف، ومن غير هوان أو فتور عن ملاحظتهم. وإن من خير ما أدبوا به إلزامهم بالواجبات الشرعية، والمحافظة على أداء الصلاة وجميع العبادات التي أوجبها الله عليهم، وتعظيم أوامر الله في نفوسهم، وتخويفهم من عذاب الله، وتذكيرهم بما أصاب الأمم السالفة التي خالفت أمر الله، وما حصل عليه من أنواع العذاب، لتمتلئ قلوبهم من مخافة الله، وتعظيم أوامره، وعدم التساهل بها.

أيها المسلمون: حافظوا على أولادكم، وأبعدوهم عن مخالطة عن مخالطة الأشرار الذين هم أعدي من الجرب، فالمرء على دين خليله، يقول الإمام على t: ((إياك وقرين السوء، فإنه كالسيف المسلول يروق منظره، ويقبح أثره)). حافظوا عليهم، وأبعدوهم عن أولئك المتحللين من الدين، الذين غلبت عليهم المدنية الزائفة، واستحسنوا تقليد الأجانب؛ في لباسهم، وهيئاتهم وصفاتهم، في مآكلهم ومشاربهم، وفارقوا الأخلاق الإسلامية، والشيم العربية، والصفات الرجولية.

علموا أبناءكم الآداب الشرعية، وأقرئوهم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي؛ كي يعرفوا أسلافهم، وما قاموا به من خدمة لدينهم، وكيف جاهدوا وصبروا في سبيل الله، وفي جهاد أعداء دينه، وهم في حال بؤس من العيش، وعسرة من المادة، وقلة من الظهر، ومع ذلك لم يثن عزمهم، ولم يهنوا، ولم يضعفوا أمام أعداء الله، حتى صارت لهم الغلبة والنصر، وأعز الله بهم الدين وأهله، لعلهم يقتدون بهم فيشمروا عن ساق الجد والعزم.

عباد الله: لقد أصبح كثير من شباب المسلمين اليوم في معزل عن دينهم، لقد جانب أكثرهم تعاليم الشريعة، لقد استعاضوا عن قراءة كتاب الله بقراءة المجلات الخليعة، والقصص التي لا تهدف إلى خير، إن لم تكن تهدف إلى سوء. يجهلون أبطال الإسلام وتاريخ حياتهم، ويقرءون تراجم أعداء الإسلام. لقد جهلوا ما يضرهم الجهل به، وعلموا ما يضرهم العلم به، لقد فرطوا فيما هو من أهم المهمات؛ ألا وهو أداء الصلاة. أليست الصلاة عماد الدين؟! أليست الصلاة هي الصلة بين العبد وبين ربه؟! كيف تسمح نفوسكم بالتساهل مع أبنائكم في هذا الركن العظيم؟! كيف تتهاونون في هذا الأمر وفيه سخط الله وعقوبته؟! فإن تمادى شبابنا في إهمال هذه الواجبات وعدم الاكتراث بفعل المنكرات إنه لبلاء عظيم ومستقبل وخيم، وخطر جسيم.

أعوذبالله من الشيطان الرجيم:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6].

 نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدى سيد المرسلين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه الغفور الرحيم.

 

 

 

 

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 4تربية النشء.doc68.5 كيلوبايت
 

الحمد لله المنعم المتفضل، دائم المن والإحسان، ومسدي النعم الجسام. أحمده سبحانه وهو للحمد أهل، وأشكره على ما أولاه من الإنعام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شرفت به العرب على سائر الأمم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه." data-share-imageurl="">