الزواج والمهور

 

الحمد لله الذي أحكم ما شرع، وأبدع ما صنع، أحمده سبحانه على آلائه ونعمه، وأشكره على تتابع جوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صِّل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه، اشكروه بألسنتكم بالتحديث بنعمه وفضله، واشكروه بقلوبكم بالاعتراف له بالفضل والكرم، وأنه لا حول لكم ولا قوة إلا بعونه وبتوفيقه، واشكروه بأعمالكم بأداء ما افترضه عليكم من عبادته، والبعد عما نهاكم عنه من معصيته، إن نعمه لا تحصى ولا تعد، وإن فضله وإحسانه على خلقه في كل لحظة من لحظاتهم، فما أصبح عبد في نعمة ولا أمسى إلا وهي من الله وحده، وإن من نعمه -سبحانه-ما من به من نعمة الذرية الصالحة التي تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتوحده سبحانه، وتقر بها أعين والديه، ويسعدان بها في حياتهما، وبعد مماتهما، ولقد امتن الله علينا بذلك، وذكرنا هذه النعمة لنقوم بشكرها، فقال سبحانه:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: 72].

إن الله يمتن علينا بما شرع لنا من الزواج، الذي يحصل بسببه الأبناء والحفدة، ويحصل به الأنس والألفة والرحمة، ويحصل به صيانة الأعراض والعفة، ويحصل به حفظ الدين، وإحصان الفرج، وغض البصر، ويتم به الترابط بين الأقارب والأسر، والتلاحم والتكافل في المجتمع، ويحصل به حفظ الأنساب، وتكثير النسل، وتقوية الأمة الإسلامية بكثرة أفرادها، كما قال r: «تزوجوا الولود تناسلوا؛فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة». ويحصل به تدبير المنزل، والقيام بشئونه، كما أن النكاح من أسباب الغنى، وكثرة الرزق، فقد قال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }[النور: 32].وقد روي عن أبي بكر الصديق t أنه قال:أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعد كم من الغنى، ثم تلا هذه الآية. وكذا روى عن عبد الله بن مسعود t أنه قال:التمسوا الغنى في النكاح، ثم قرأ هذه الآية.

وقد قال r: «ثلاثة حق على الله عونهم» ثم ذكر منهم «المتزوج يريد العفاف» ومعلوم أن النكاح من سنن المرسلين، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38].

فكل هذا يدل على فضل الزواج، وقد مر ذكر شيء من فوائده وفضائله، وقد قال r: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن الفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء».

وقد روي عن عمر t أنه قال: «لا يترك الزواج إلا عاجز أو فاجر» فاتقوا الله معشر الشباب وبادروا بالزواج امتثالا لأمر الله، وأمر رسوله، وصيانة لأنفسكم، وطلبا للذرية الصالحة، وطمعا بما وعدكم الله من الغنى، وكثرة الرزق.

أيها الآباء، أعينوا أبناءكم وحرضوهم على التزوج، ورغبوهم فيه، وذللوا لهم الأمور التي قد يرون أنها عقبات في طريق تزوجهم، للمحافظة عليهم؛ولأن لهم عليكم حقوقا في هذا السبيل.

أيها الأولياء لهؤلاء الفتيات إنهن أمانات في أيديكم، فيجب عليكم النصح لهن، واختيار الأكفاء، ممن يرضى خلقه ودينه، وإياكم والتسبب في عضلهن، والحيلولة دونهن، ودون من أرادهن من الأكفاء، حسنوا لهن الزواج ورغبوهن فيه، وأعينوهن عليه، فإن نبيكم r روى عنه أنه قال: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير».

وإياكم-عباد الله- والتغالي في المهور، فإنه سبب كبير من أسباب تقهقر كثير من الشباب عن التزوج، وإن التغالي في المهور ليس من الأمور المحمودة شرعا ولا عرفا، بل إن التغالي كان سببا ببقاء كثير من الشباب بدون زوجات، وكثير من الشابات بدون أزواج، وهذا أمر لا يرضاه شرع ولا عقل، وإن من العوائق عن الزواج أيضا أمورا أحدثها كثير من الناس من تكاليف باهظة دخلت في حد البذخ والسرف، مما لا يعود بالخير على الزوجين، ولا على أوليائهما، وإنما هي مباهاة، ومفاخرات وتقليدات للغير بدون تعقل، أثقلت كاهل الغني، وتراكمت بسببها الديون على الفقير، أمور يخشى من عاقبتها، لأنها ربما دخلت في حد التبذير المحرم، الذي نهى الله عنه بقوله:
 {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } [الإسراء: 26، 27].

فاتقوا الله عباد الله، وقيدوا النعم بشكرها، فإنها قل أن تنفر عن بيت فتعود إليه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

أول الخطبة الثانية

الحمد لله على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صِّل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على ما أولاكم من النعم، واحذروا من كفران نعمه عليكم، ولا تعرضوها للزوال بسبب قلة الشكر أو الإسراف والتبذير، ولا تجاروا السفهاء على سفههم، فتكونوا مثلهم، وإن مما يؤسف له أن كثيرا من العقلاء سيطر عليهم السفهاء من النساء، وأشباههن، في موضوع حفلات الزواج، فارتكبوا أمورًا يؤاخذون عليها أمام شريعة الإسلام، وأمام مجتمعهم، ويخشى عليهم من تغيير النعم ؛لأن الإسراف في حفلات الزواج أو غيره من حفلات الأفراح والأعياد والمناسبات الأخرى مما يدل على عدم المبالاة، وعدم مراعاة النعم التي امتن الله بها عليهم، وعدم مراعاة شعور الفقراء والمعوزين الذين يتمنون ما يسد خلتهم أو يدفع ضرورتهم، فهذه الأفعال المذمومة ليست من شكران النعمة، بل ربما كانت من كفران النعم، والله U يقول:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7].

فاتقوا الله أيها العقلاء، ولا يستخفنكم من لا ينظر إلى العواقب، ولا يخشى من الملام، ولا يخاف على نعمه أن تتبدل وتتحول إلى غيره.

 

 

 

 

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 6الزواج والمهور.doc77.5 كيلوبايت
 

الحمد لله الذي أحكم ما شرع، وأبدع ما صنع، أحمده سبحانه على آلائه ونعمه، وأشكره على تتابع جوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صِّل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه، اشكروه بألسنتكم بالتحديث بنعمه وفضله، واشكروه بقلوبكم بالاعتراف له بالفضل والكرم، وأنه لا حول لكم ولا قوة إلا بعونه وبتوفيقه، واشكروه بأعمالكم بأداء ما افترضه عليكم من عبادته، والبعد عما نهاكم عنه من معصيته، إن نعمه لا تحصى ولا تعد، وإن فضله وإحسانه على خلقه في كل لحظة من لحظاتهم، فما أصبح عبد في نعمة ولا أمسى إلا وهي من الله وحده، وإن من نعمه -سبحانه-ما من به من نعمة الذرية الصالحة التي تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتوحده سبحانه، وتقر بها أعين والديه، ويسعدان بها في حياتهما، وبعد مماتهما، ولقد امتن الله علينا بذلك، وذكرنا هذه النعمة لنقوم بشكرها، فقال سبحانه:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: 72]." data-share-imageurl="">