الحج المبرور

 

الحمد الله الذي هدانا للإسلام، أحمده سبحانه وأشكره أن دعانا لحج بيته الحرام، وجعل الحج كفارة لجميع الآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بطاعته، وأدوها بأدب وانشراح صدر وسرور، فإنه ليس في الأعمال أحسن من عمل صالح مقبول يتقرب العبد فيه إلى مولاه، فيجني ثماره يوم القيامة، ويجزيه الله عليه الجزاء الأوفى، وينال به عند الله الحسنى، ألا وإن من أعظم الأعمال ثوابا، وأجزلها عطاء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام، فإن الله يكفر به الذنوب، ويمحو به الخطايا، ويجزل به العطايا، فهل هناك أفضل من عمل يكون جزاؤه الجنة؟! التي هي غاية المطلوب، ونهاية المنى. يقول r: « الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة » .

يا له من جزاء عظيم، وثواب جسيم، يتنافس فيه أولو العقول الزاكية، والهمم العالية:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }[المطففين: 26]. ولكن يا عباد الله، إن للحج شروطا وله التزامات، يجب الالتزام بها، فمن قام بواجباتها وكمل لوازمها حصل له المقصود من تمام الأجر، ورضا الله سبحانه، وإذا لم يبال به فاته جل المطلوب، وقد بين لنا القرآن الكريم ذلك، وأوضحته سنة النبي الكريم r يقول سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

ويقول r: « من حج فلم يرفث، ولم يفسق ؛خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». فالرفث: هو الجماع ودواعيه مما يتعلق بالنساء من ذكر النكاح ومقدماته، أو كلام فيه شيء من الرقة والخضوع، أو تكرار النظر على وجه التلذذ بذلك ونحوه، وأما الفسوق فيدخل فيه أعمال الفسق، والكلام المحرم من كذب وغيبة ونميمة وسب وشتم.

وأما الجدال فيدخل فيه الخصومات، والملاحاة، ورفع الأصوات بالكلام على الغير، والجفاء في المخاطبات التي يؤذي بها عباد الله المؤمنين، ويدخل في ذلك رفع الأصوات والإزعاج بالشعارات والهتافات التي اعتادتها بعض البلاد الأجنبية من هتاف بسقوط شخص، أو تشجيع لآخر، أو دعوة لمقاطعة حكومة، أو تأييد لأخرى، أو تعنيف لطائفة، أو ثناء لغيرها.

فكل هذه الأمور ينبغي أن يترفع عنها المؤمن في كل وقت وحين، لاسيما وقت أداء هذا الركن العظيم، وهذه العبادة الشريفة، وهذه البقاع الطاهرة، والمشاعر المقدسة، والمواسم المفضلة التي ينبغي للحاج أن يتعلق قلبه بربه، ولا يلتفت إلى أحد سواه، ويعلم أن الأمور بيد الله سبحانه، وأن الناس لا يملكون لأحد نفعًا ولا ضرًا، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا.

فعلى المؤمن العاقل أن يكون مقبلًا على شأنه غير مشتغل بما لا يعنيه، وليكثر من أعمال البر والطاعة، من الإحسان والإنفاق في سبيل الله، فالنفقة في الحج مخلوفة، ويضاعف فيها الأجر، لشرف الزمان والمكان، وليحرص أن تكون نفقته من كسب حلال، ومال طيب، فإن الله لا يقبل إلا طيبا، وليعلم المرء أن مدار العمل وروحه هو الإخلاص لله، والبعد عن الرياء والسمعة والفخر والخيلاء؛ ليحصل على الأجر الأوفر، والجزاء الأكمل الذي جاء من أجله، وتكلف المشاق، وتحمل أعباء السفر والنفقة، ومفارقة الأهل والوطن من أجل غرض نبيل، وقصد رفيع، فاتقوا الله –عباد الله- ولا تشوبوا أعمالكم الصالحة بما ينقص ثوابها، أو يكن سببا لإحباطها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } [البقرة: 197].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

أول الخطبة الثانية

   الحمد لله ذي العز والجلال، المحمود على كل حال، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله سبحانه وتعالى، اتقوه بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، اتقوه في عباداتكم وفي معاملاتكم، في أولادكم وأرحامكم، اتقوه في معاملاتكم مع إخوانكم من المسلمين، أحسنوا معاملتهم، اجتنبوا الغش والخداع، وابتعدوا عن سوء الخلق حسنوا أخلاقكم مع إخوانكم، فما وضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، إنكم في هذه الأيام تلتقون بإخوانكم في الله جاءوكم من كل فج عميق، ملبِّين لدعوة خليل الرحمن، مؤدين لركن من أركان دينهم، إن لهم عليكم حقوقا بالرفق بهم، والإحسان إليهم، والصبر والتحمل لما قد يصدر منهم مما يحصل به مضايقة قد تكون من غير قصد، فما أسعد من حسن خلقه ابتغاء وجه الله، ورفق بعباده طلبا لمرضاة الله.

أيها الحاج الذي وفد إلى هذا البيت الشريف، من بلاد بعيدة، وتحمل المشاق في هذا السبيل اغتنم أوقاتك بالطاعة والتوبة والاستغفار، وتلاوة القرآن، والإكثار من ذكر الله، واجتنب السباب، والفسوق، والعصيان ليكمل نسكك، ويتم حجك، وتفوز بما وعد الله به عباده المؤمنين، من زوار بيته العتيق، فقد قال r: « من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ».

 

 

 

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 9الحج المبرور.doc72.5 كيلوبايت
 

الحمد الله الذي هدانا للإسلام، أحمده سبحانه وأشكره أن دعانا لحج بيته الحرام، وجعل الحج كفارة لجميع الآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بطاعته، وأدوها بأدب وانشراح صدر وسرور، فإنه ليس في الأعمال أحسن من عمل صالح مقبول يتقرب العبد فيه إلى مولاه، فيجني ثماره يوم القيامة، ويجزيه الله عليه الجزاء الأوفى، وينال به عند الله الحسنى، ألا وإن من أعظم الأعمال ثوابا، وأجزلها عطاء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام، فإن الله يكفر به الذنوب، ويمحو به الخطايا، ويجزل به العطايا، فهل هناك أفضل من عمل يكون جزاؤه الجنة؟! التي هي غاية المطلوب، ونهاية المنى." data-share-imageurl="">