الحث على مساعدة المجاهدين

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا، وألف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخوانا، وشرح صدورهم للإيمان وملأها رحمة وحنانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أوفى البرية عطفا وإحسانا، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.

 أما بعد: فاتقوا الله عباد الله-واعتصموا بحبله، واتبعوا صراطه المستقيم، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، إن حبل الله: هو كتابه العزيز، ودينه القويم، وصراطه المستقيم، إن الاعتصام به امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، إن دين الإسلام هو أقوى عامل لرفع كيان الأمم، وهو الأساس في توحيد كلمتها، ورقيها ونيل منتهى آمالها، إنه يأمر باجتماع الكلمة، واتحاد الهدف، والتعاطف والتراحم، إن هدفه السامي هو توحيد رب العالمين، والتعلق به وحده دون من سواه، وإخلاص العمل له، وجمع كلمة المسلمين على أسسه، ومبادئه، والتعاون والتناصر في كل ما من شأنه إعزاز الدين، وتقويته، والدفاع عنه، والذود عن كيانه، بكل ما أوتينا من قوة عقلية، أو فكرية، أو مادية يقول سبحانه:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]. ويقول النبي الكريم e : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ».

إن دين الإسلام دين عالمي لا يصلح للعالم سواه، ولا تنتظم أمور العباد إلا به، ولا تتم مصالحهم إلا بتطبيقه، إنه خلو من التحزب الفكري والتعصب القبلي، والحمية الجاهلية، إنه نظر إلى كافة الناس نظرة المساواة، فلم يؤثر فردا على فرد، ولا جنسا على جنس آخر، ولم يجعل لأحد ميزة وفضلا إلا بالتقوى:{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

ودعا إلى التعارف وتوثيق الروابط بين الناس: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وبهذا التعارف والارتباط تتقارب المصالح، وتتحد الأهداف والمنافع، ويصبح المسلمون في أنحاء الأرض قوة واحدة، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، يرعى قويهم حق ضعيفهم، وغنيهم حق فقيرهم، وصحيحهم حق مريضهم، وبذلك ينتظم شملهم، وتقوى شوكتهم، وتتكامل وحدتهم، وتعز بلادهم، وتسود أوطانهم، ويصبح جانبهم مرهوبا، وحقهم محفوظا، ويسمو كيانهم على سائر الأمم، ولكن كل هذا لا يحصل إلا بتمسكهم بكتاب ربهم، ودينه القويم.

عباد الله: إن المسلم الذي لا يتألم من آلام إخوانه المؤمنين، ولا يحزنه ما يحزنهم، إنه دليل على ضعف إيمانه وعدم كمال أخوته الإيمانية، إن الأخوة الإيمانية تقتضي مشاركة إخوانه المؤمنين في كل ما يهمهم، والتعاون والتكاتف معهم في كل أمر من أمورهم الهادفة إلى تأييد دينهم، ورفع كلمة الحق ضد كل باغ، وطاغ، وذي حنق على الإسلام والمسلمين.

عباد الله: إن إخوانا لكم في بعض البلاد الإسلامية اضطهدوا من قبل أعداء الإسلام، من الشيوعيين الذين لا يعرفون ربا، ولا نبيا ولا دينا ولا خلقا، أخرجوهم من ديارهم، وقتلوهم وشردوهم، قتلوا العلماء، والدعاة، والمتمسكين بدينهم حتى فر الكثيرون من العذاب إلى بعض البلاد المجاورة لهم، وثبت البعض منهم، ونذروا على أنفسهم القيام والجهاد في سبيل الله، واتخذوا من الجبال حصوناً، ومن الأودية ملاذاً لكرهم وهجماتهم، وصبروا على شدة القر والحر، والجوع والعطش في سبيل إنقاذ أنفسهم، وإخوانهم، وبلادهم من الكفر والإباحية، إن إخوانكم أولئك في أمس الحاجة إلى مديد العون لهم، وإلى مساندتهم، ومساعدتهم بالأموال، والأقلام, والتشجيع، والتأييد.

إن إخوانكم المجاهدين في أفغانستان قد استشهد منهم الكثيرون في سبيل الله، ونصرة دينه، ولا يزال بقيتهم صامدين بكل بسالة، وبكل عزم، واستمرار على الجهاد، إن ديننا يحتم علينا مساندتهم، ومساعدتهم بما نستطيعه من عون مادي، ومعنوي، وتشجيعهم بما يحصل لهم به التأييد من دعوات صادقة، وأقلام مشجعة، وتبرعات متوالية، ليتمكنوا من حماية عقائدهم، وأعراضهم، وأوطانهم الإسلامية، إن التبرعات لهم، ولأمثالهم من أفضل ما تنفق فيها الأموال؛لأنها في دعم الدين والعقيدة، ومناصرة في الدين. قوموا بحظكم من الجهاد في سبيل إعانة المجاهدين ببذل ما تستطيعونه من أموالكم يكتب الله لكم الأجر العظيم، والثواب الجسيم.

عباد الله: إن الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال، ومن واجبات الدين، وإن ترك الجهاد من صفات المنافقين، وقد روى مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة t قال:قال رسول الله r: « من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق ». وقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي أمامة t عن النبي r قال: « من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلفه في أهله بخير، أصابه الله بقارعة -أي داهية- قبل يوم القيامة ».

فبادروا -رحمكم الله- بالأعمال الصالحة مادمتم في زمن الإمهال قبل: { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]. وإن أفضل ما ينفقه المسلم من ماله ما بذله في سبيل الله، وفي نصرة دينه، وإن الله وعد المنفقين في سبيله بالخير العميم، والثواب العظيم، يقول سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

هذا وعد من الله للمنفقين في سبيله بالبركة في أموالهم، ونموها وزيادتها، هذا جزاء عاجل في الدنيا وفي الآخرة، وما عند الله خير وأبقى، وقد قال سبحانه:{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7].

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

أول الخطبة الثانية

الحمد الله القوي العزيز، له الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير، أحمده سبحانه على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، وأطيعوه، واستقيموا إليه واعبدوه، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واعلموا أن دين الإسلام يوجب علينا جميعا التعاطف، والتراحم، والتعاون في كل ما من شأنه إعلاء كلمة الحق، ورفع منار الإسلام، وإن من أفضل الأعمال مساعدة ومساندة كل قائم في الجهاد في سبيل الله، وغير خاف عليكم -معشر المسلمين- تكاتف أهل الباطل على باطلهم ضد دين الإسلام من جميع الفئات؛ من صهيونية عالمية تكيد للإسلام وأهله، ومن شيوعية سافرة معلنة للعداء لهذا الدين، ومن صليبية حاقدة تتحين الفرص. وكل هؤلاء بينهم العداء، والتطاحن لكنهم ضد الإسلام يدٌ واحدة متكاتفة. فإذا كان أعداء الإسلام يبذلون أرواحهم وأموالهم في هدم الإسلام، وهم لا يرجون على ذلك ثوابا، ولا جزاء، وإنما هو في سبيل مبدأ اعتنقوه، أو منهج استحسنوه، ومع ذلك يتفانون في نصرته، ويرخصون الأنفس والأموال في تثبيته، فكيف بكم أيها المسلمون وأنتم ترجون من الله ما لا يرجون، من الجزاء العاجل والآجل، والله لا يخلف الميعاد: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ: 39]. {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة: 195]

 

المرفقالحجم
Microsoft Office document icon 6الحث على مساعدة المجاهدين.doc77.5 كيلوبايت
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا، وألف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخوانا، وشرح صدورهم للإيمان وملأها رحمة وحنانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أوفى البرية عطفا وإحسانا، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه." data-share-imageurl="">