السيرة الذاتية

ترجمة مختصرة لسماحة الشيخ العلامة

محمد بن عبد الله السبيل

إمام وخطيب المسجد الحرام

وعضو هيئة كبار العلماء

وعضو المجمع الفقهي الإسلامي

والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي

رحمه الله تعالى

(1345هـ - 1434هـ)

 

المقدمـــــــــــــــــــــــــة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فهذه ترجمة مختصرة لسماحة الوالد الشيخ العلامة محمد بن عبد الله السبيل(1) إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء وعضو المجمع الفقهي الاسلامي -رحمه الله- تشتمل على المباحث التالية:

المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده . المبحث الثاني: حياته العلمية. المبحث الثالث: حياته العملية. المبحث الرابع: جهوده الدعوية. المبحث الخامس: وفاته وثناء العلماء عليه  .

وإن الحديث عن سماحته رحمه الله حديث عن عالم من علمائنا البارزين، وفقيه من فقهائنا المعدودين ،وداعية من دعاتنا المخلصين . هو حديث عن إمام حباه  الله وشرفه بإمامة المسلمين في المسجد الحرام مدة أربعة وأربعين عاما، كانت له فيه الخطب المشهورة،  والأخبار والمواقف المشهودة.

ولقد بذل رحمه الله علمه ووقته وجهده في خدمة الاسلام والمسلمين من قاصدي  الحرمين وغيرهم من خلال جهوده العلمية والدعوية ومن خلال مهامه ومسئولياته ، فقد كان رئيسا لشئون الحرمين الشريفين،ورئيسا للجنة أعلام الحرم المكي الشريف ، وعضوا في عدد من الجمعيات الخيرية ، إضافة إلى جهوده الدعوية في مختلف دول العالم ، فقد زار أكثر من خمسين دولة ، وأسلم على يديه الخلق الكثير، مع ما حباه المولى جل شأنه من رفق ولين ، وخلق كريم ،وأدب رفيع ، وحلم واسع ، وصبر جميل ، عز نظيره اليوم .

يضاف لهذه السيرة العطرة  : جهوده  العلمية المباركة في التدريس والتعليم والتصنيف وتحرير الفتاوى الشرعية ،ومشاركاته الدائمة في أهم الهيئات والمجامع الفقهية ،وحضوره للكثير من المؤتمرات الشرعية في مختلف دول العالم.

إن مآثر الفقيد رحمه الله  كثيرة عديدة، يطول تعدادها وحصرها،وفي هذه الترجمة المختصرة إشارة ولمحة لبعض تلك الأعمال الجليلة وتوثيق لها ، وفيها ذكر شيء من سيرته وأعماله الشريفة، وجهوده الخيِّرة المباركة. وسيكون تفصيل القول في ترجمة مطولة تطبع في كتاب مستقل بمشية الله تعالى.

أسأل الله تعالى ان يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جنته، ويجزيه خير الجزاء على جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المبحث الأول

اسمه ونسبه ومولده

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن سليمان ابن إبراهيم بن عثمان بن حمد بن غيهب بن محمد بن بلدي بن زيد(2) . وبنو زيد من قضاعة، وقضاعة من قحطان.

ولقب: (السبيل) أطلق على جده عبد العزيز الذي قدم من مدينة شقراء إلى مدينة عنيزة في حدود سنة 1250هـ، ثم انتقل والده عبد الله وعمره خمس سنوات تقريبًا مع عمه سليمان إلى مدينة البكيرية بمنطقة القصيم، واستوطنها في عام 1280هـ، وفيها كانت ولادة سماحة الوالد-رحمه الله- عام 1345هـ.

المبحث الثاني

حياته العلمية

نشأ –رحمه الله– في البكيرية، وبدأ في حفظ القرآن الكريم على والده، وقرأه أيضًا على خاله الشيخ محمد بن علي المحمود، وعلى الشيخ عبد الرحمن بن سالم الكريديس، فأتم رحمه الله حفظ القرآن الكريم كاملًا مجودًا وعمره أربعة عشر عامًا. وقد طلب العلم على عدد من المشايخ والعلماء في القصيم وفي مكة المكرمة.

شـــــــــــيوخه:

تتلمذ –رحمه الله – على عدد من العلماء والمشايخ في منطقة القصيم وفي مكة المكرمة –شرفها الله- ، منهم :

1 – شقيقه الشيخ العلامة عبد العزيز السبيل، قاضي البكيرية ، وقد تتلمذ عليه الوالد رحمه الله ولازمه ملازمة تامة ، وانتفع منه انتفاعًا كبيرًا ، واستمر في القراءة عليه حتى بعد انتقاله إلى مكة .  ولما توفي – رحمه الله – عام 1412هـ رثاه سماحة الوالد بقصيدة يقول في مطلعها:

تجري الأمـــــور على ما خطــه القدر            وكل حــي له من دهـــــره غــــــير

تطوى الدهـــــــور وفي طيــاتها أمم            كانت فبانـــــت فلا عـــــين ولا أثر

وما الحيـــــــــاة لحــــــي دار ثوى           كل امـــــرئ لحــــمام المــوت منتظر

كم مزقت أمم في الخافقين ســـــمت            لا الشـــمس آفلـــة عنها ولا القــمر

أخنت عليها صروف الدهر واستلبت             منــــها ممالكـــــها واغتــــالها القدر

وما قضى أحــــد منها لبــــــــانته               ولا اســـــتقام له ورد ولا صــــــدر

أيامها نكـــــــد وكلها كبـــــــــد              وجمعهـــــــا فرقــــــة وصفوها كدر

2 – فضيلة الشيخ محمد بن مقبل المقبل (ت 1368هـ) قاضي البكيرية رحمه الله، وقرأ عليه في البكيرية، ولازمه حتى وفاته رحمه الله.

3 – سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن حميد رحمه الله :

قرأ عليه الوالد رحمه الله  في بريدة منذ أن انتقل الوالد إليها عام 1373هـ، واستمر في الانتفاع به وبعلمه حتى وفاته، وكان الوالد رحمه الله كثير الثناء على شيخه، والاعتراف بفضله، وأثره على طلاب العلم والعامة.

ولما توفي الشيخ عام 1402هـ – رحمه الله – رثاه سماحة الوالد بقصيدة طويلة يقول في مطلعها:

على مثــــــل هذا الخطب تهمي النواظر         وتـذري دمـــــاء مقــلة ومحــاجر

ألا أيــها النـــاعي لنا علـــــم الهــدى         أصدقًا تقــــول أم مصــــابًا تحاذر

3 – سماحة الشيخ سعدي ياسين السلفي، من علماء الشام، وعضو رابطة العالم الإسلامي، وقرأ عليه الوالد القرآن كاملًا، وأجازه الشيخ بقراءة حفص عن عاصم. وبعث بهذه الإجازة لسماحة الوالد، فأرسل له الوالد رحمه الله جوابًا وضمنه أبياتا نظمها ، منها قوله:

قد حقق الله ما قـد كنت آمله       أيـام أتلو كتـاب الله في البكر

وتارة ســحرًا أتلوا عليك به        بين المقام وبين الحِجْر والحَجَر

4 – فضيلة الشيخ أبي محمد عبد الحق بن عبد الواحد بن محمد الهاشمي، وقد أجاز الوالد في القرآن الكريم، وكتب السنة.

5 – فضيلة الشيخ أبي سعيد محمد بن عبد الله نور إلهي، وقد أجاز الوالد في القرآن الكريم، وكتب السنة.

وقد حفظ الوالد رحمه الله أثناء طلبه للعلم العديد من المتون العلمية منها: زاد المستقنع في الفقه، وعمدة الأحكام، وبلوغ المرام في أحاديث الأحكام، والرحبية في الفرائض، والبيقونية في مصطلح الحديث، وملحة الإعراب للحريري، وألفية ابن مالك في النحو، ونظم المفردات في الفقه وجزء كبير من منظومة ابن عبد القوي، إضافة إلى كثير من القصائد العلمية والأدبية.

:مصنفاته

صنف – رحمه الله – الكثير من الكتب القيمة، والرسائل العلمية النافعة في موضوعات شتى، وقد طبعت بحمد الله وفضله، وهي:

1 - من منبر المسجد الحرام (أربعة أجزاء).

2- الإيضاحات الجلية في الكشف عن حال القاديانية.

3- حد السرقة في الشريعة الإسلامية.

4- الأدلة الشرعية في بيان حق الراعي والرعية.

5- حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية.

 6- حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد.

7- الخط المشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف، ومدى مشروعيته.

8– رفيق الطريق في الحج والعمرة.

9 – الإجازة بأسانيد الرواية.

10 – من هدي المصطفى e.

 11 – فتاوى ورسائل مختارة.

 12 – دعوة المصطفىe ودلائل نبوته ووجوب محبته ونصرته.

 13 – المختار من الأدعية والأذكار.

14 – شرح بعض مسائل الجاهلية.

15 – فضائل الصحابة.

16 – فضل الدعوة إلى الله تعالى وصفتها.

17 – خطبة الجمعة وأهميتها في الإسلام.

18 – فضل مكة ووجوب الأدب فيها.

19 – حكم السعي راكبًا.

20 – من منهج التربية الإسلامية.

21 – مجالس رمضان.

22 – مجالس الحج.

23 – حكم الصلح على أكثر من الدية في قتل العمد.

24 – حكم مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين.

25- رعاية الحرمين الشريفين منذ صدر الإسلام وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.

26- نبذة وجيزة عن عمارة الحرمين الشريفين.

27 -  ديوان شعر(3).

تلاميذه:

تتلمذ عليه رحمه الله الكثير من طلاب العلم في القصيم ومكة المكرمة، منهم:

1 – فضيلة الشيخ / صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء.

2- فضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء .

3 – فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد العزيز الكلية عضو هيئة كبار العلماء.

4 – فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالمسجد الحرام.

5 – فضيلة الشيخ المحدث / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.

6 – أبناؤه : وقد تخصص بعض أبنائه في الفقه وتتلمذوا عليه  ، وهم :الشيخ الدكتورعمر إمام وخطيب المسجد الحرام رحمه الله  (ت1423هـ)، وعلي، وعبد الملك، وعبد اللطيف، وعبد المجيد (كاتب هذه الترجمة)، وكلهم حاصلون على الدكتوراة في الفقه ، وأحفاده: عبد اللطيف بن دخيل الدخيل، وأنس بن عمر السبيل، وياسر بن عبد الرحمن السديس وأخيه محمد السديس وكلهم يحضرون رسائلهم للماجستير في الفقه.

كما تتلمذ عليه الكثير من العلماء والقضاة وأساتذة الجامعات والمشايخ ممن استفادوا من علمه في منطقة القصيم ، وفي مكة المكرمة.

المبحث الثالث

حياته العملية

أولًا: الإمامة والخطابة:

  • بدأ رحمه الله الإمامة في صلاة التراويح في المسجد التحتي بالبكيرية عام 1360هـ بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم.
  • وفي عام 1363هـ عين إمامًا راتبًا للمسجد التحتي، ويقوم بالخطابة في جامع البكيرية نيابة عن أخيه الشيخ عبد العزيز السبيل قاضي البكيرية حينها، واستمر على ذلك حتى عام 1373هـ حيث انتقل إلى بريدة.
  • وفي عام 1377هـ أنشئ (مسجد الدبيب)(4) ببريدة، فعين إمامًا لهذا المسجد واستمر فيه حتى عام 1382هـ حيث عين إمامًا وخطيبًا لجامع ابن فيصل، واستمر فيه إمامًا وخطيبًا حتى عام 1385هـ حيث انتقل للإمامة والخطابة في المسجد الحرام بترشيح من سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد –رحمه الله – رئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام.
  • وكان انتقاله رحمه الله إلى مكة المكرمة قبيل شهر رمضان المبارك عام 1385هـ، فكان يقوم بمساعدة أئمة المسجد الحرام في ذلك الوقت وهم: معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد المهيمن أبو السمح، والشيخ عبد الله خياط، والشيخ عبد الله الخليفي، والشيخ عبد الرحمن الشعلان رحمهم الله جميعًا.
  • وكانت أول صلاة له رحمه الله إمامًا في المسجد الحرام هي صلاة التراويح سنة 1385هـ، وكان الذي يصلي بالناس التراويح في تلك السنة هما: الشيخ عبد المهيمن أبو السمح، والشيخ عبد الله الخليفي، وكان سماحته يصلي التراويح أو القيام بعض الليالي نيابة عن أحدهما.
  • وكانت أول خطبة للجمعة ألقاها رحمه الله في المسجد الحرام يوم 12/12/1385هـ ، وآخر خطبة للجمعة ألقاها كانت بتاريخ 7/5/1425هـ
  • وظل سماحة الوالد منفردًا أكثر من عشرين عامًا بخطبة عيد الفطر المبارك، واستمر على ذلك حتى عام 1423هـ، حيث كانت خطبته في هذا العام هي آخر خطبة لعيد الفطر يلقيها رحمه الله.
  • وفي عام 1386هـ أصبح رحمه الله الإمام الراتب لصلاة الفجر وصلاة العشاء في المسجد الحرام، واستمر على ذلك الحال حتى تعين فضيلة الشيخ صالح بن حميد عام 1404هـ إمامًا للمسجد الحرام، فأصبح الشيخ صالح هو الإمام الراتب لصلاة الفجر، واكتفى سماحة الوالد بإمامته الراتبة لصلاة العشاء، واستمر على ذلك حتى اعتذر رحمه الله عن الاستمرار في الإمامة والخطابة بعد أن أمضى أربعة وأربعين عامًا إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام فصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على ذلك بتاريخ 24/2/1429هـ.
  • ومنذ عام 1390هـ تقريبًا وهو الذي يصلي بالناس في مسجد الخيف بمنى في يوم التروية وأيام التشريق وفي المشعر الحرام بمزدلفة من كل عام واستمر على ذلك قرابة عشرين عامًا.

ومن أخبار سماحته ومواقفه في المسجد الحرام:

ما ذكره -رحمه  الله- عن الحادثة التي وقعت فجر يوم 1/1/1400هـ  وهي اقتحام المسجد الحرام من جماعة من الفئة الضالة زعمت أن معها المهدي وسفكت الدماء في المسجد الحرام ودعت الناس لمبايعة مهديهم المزعوم وكان يتزعم هذه الفرقة الضالة جهيمان العتيبي وكان سماحة الوالد هو الذي يصلى بالناس صلاة الفجر، يروي رحمه الله ما حصل في ذلك اليوم فيقول:

« من أبرز الأحداث التي مررت بها حادثة جهيمان التي حدثت في الأول من المحرم سنة 1400هـ، في ذلك الوقت كنت إمامًا لصلاة الفجر، وبعد الانتهاء من الصلاة، وحين انصرفت إلى المأمومين، إذا بعشرات الأشخاص قادمين نحو الكعبة ومعهم أسلحتهم. وكانت هناك جنازة فوقفت للصلاة عليها، وإذا بشخص يريد أخذ (الميكروفون) فأمسكت به، فأخرج خنجرًا، ورفعه علي، وطلب مني ترك (الميكروفون)، فقلت له: اتق الله، ودعنا نصلي على الجنازة، فانصرف، وصلينا عليها، ثم رُفِع (الميكروفون) سريعًا، واختلط الناس، فاختفيت بينهم، ثم اتجهت إلى غرفة لي في الحرم، واتصلت مباشرة بالشيخ ناصر ابن حمد الراشد، رئيس شؤون الحرمين آنذاك رحمه الله، وأخبرته بالأمر، وأسمعته طلقات الرصاص، وعلمت فيما بعد أنهم يسمحون للحجاج بالخروج من الحرم، ويمنعون خروج السعوديين؛ إذ يطلبون منهم مبايعة مهديهم المزعوم، وبعد قرابة أربع ساعات قررت الخروج من الحرم، فتركت المشلح والشماغ، ونزلت إلى باب القبو القريب من الغرفة، وتوسطت المسلحين اللذين كانا في الباب، خافضًا رأسي متخفيًا بين الحجاج، وأغلبهم من الإخوة الأندونيسيين، حتى سلم الله تعالى، وخرجت من بينهم، وقد أشاعت بعض الإذاعات الخارجية أن إمام المسجد الحرام قد قتل، وبعضهم ذكره بالاسم، مما أقلق الكثير من الأقارب والمحبين، ونحمد الله أن سلمنا، وأطفأ تلك الفتنة »(5) .

ثانيًا: التدريس:

عين رحمه الله مدرسًا عند افتتاح أول مدرسة في مدينة البكيرية عام 1367هـ، بطلب من الشيخ محمد بن مانع مدير المعارف رحمه الله، وكان سماحة الوالد رحمه الله يدرس فيها العلوم الشرعية والعربية، بالإضافة إلى قيامه بتدريس الفرائض والنحو في المسجد التحتي في البكيرية.

وفي عام 1373هـ افتتح المعهد العلمي ببريدة فرشحه سماحة الشيخ عبد الله ابن حميد رحمه الله؛ ليكون مدرسًا فيه لما رغب منه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ مدير المعاهد العلمية ترشيح مدرس للفرائض فيها، فعين رحمه  الله مدرسًا في المعهد منذ افتتاحه حتى انتقاله إلى مكة المكرمة عام 1385هـ، وكان يدرس الفرائض، والفقه وأصوله، والقرآن وتجويده، والتوحيد، والتفسير، والحديث ومصطلحه، والنحو، والبلاغة، والعروض، وقام بتدريس هذه العلوم في فترات مختلفة بحسب حاجة المعهد والطلاب.

وكان مدير المعهد في ذلك الوقت معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي، وكان من المدرسين فيه: سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، وفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، وفضيلة الشيخ صالح البليهي وغيرهم.

وكان رحمه الله يعقد حلقات خاصة لبعض طلبته في المسجد في بعض هذه العلوم.

ومن أخباره – رحمه  الله – في المعهد:

إلقاؤه قصيدة ترحيبية بالملك سعود بن عبد العزيز – رحمه الله – لما زار مدينة بريدة لافتتاح المبنى الجديد للمعهد العلمي عام 1377هـ يقول في مطلعها:

أيامك الغــــر للأيــــام تيجان                     وفي اسمك المرتضى للسعد عنوان

إن السعادة في لفظ السعود بدت                 لفظًا ومعـــنى وفي الأسماء إيذان

وفي عام 1385هـ انتقل رحمه  الله إلى مكة المكرمة، حيث عين إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام، وفيه عقد دروسه العلمية في مختلف العلوم الشرعية.

ومن الكتب التي درسها في المسجد الحرام: فتح المجيد، وقرة عيون الموحدين، وبلوغ المرام، وصحيح البخاري، والأدب المفرد، والتجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للزبيدي، والروض المربع، وهداية الراغب، ومختصر زاد المعاد، وإعلام الموقعين وغيرها.

ومن أخباره رحمه  الله: أن رجلًا من المعتمرين التقى بسماحة الشيخ عبد الله بن حميد في المسجد الحرام عام 1387هـ وذكر له سؤالًا نحويًا ونظمه في أبيات فطلب سماحة الشيخ ابن حميد من الشيخ صالح الغصن أن يكتب هذه الأبيات، وقال للسائل: لعلك تأتينا في المساء وتجد الجواب، يقول سماحة الوالد: ولم أكن حاضرًا ذلك المجلس لكن سماحة الشيخ عبد الله بن حميد أمر أن أعطى صورة من هذه الأبيات فلما عدت في المساء للشيخ قرأت عليه أبياتًا كتبتها جوابًا لهذا السؤال أقول فيها:

أيـــا ســــائلًا حـــلًا للغزك قائــــلًا         بلفظ رصين زين بالســــبك والرصف

«أرى لفظة أعيا علي انفهامــــــــــــها         لأني حديث في الدراســــة والصـــف

هي اســـــم وحرف وهي فعل وفاعل          خصوصًا إذا جاءت فرادى على حـرف

ثنائيـــــة تبنى وتعـــرب دائـــــــمًا            على أنها ليســــت بممنوعة الصــرف»

فدونك (في) حرفًا واســـمًا لواحــــد            من الســـتة الأســـماء حقًا بلا خـلف

ومر زينبًا قل: فِ لعمــــر بحقـــــــه            فذا فاعل والفعل جـاءك بالكشــــف

فمبنيها حرف ومعربهـــا ســــــــما                وتبنى بفعل الأمـــر في مفـرد الحـرف

فاستحسنها الشيخ واحتفظ بنسخة منها، وقال: سنعطيها السائل إذا جاء إن شاء الله.

ثالثًا: العمل في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي:

في عام 1384هـ أمر الملك فيصل رحمه الله (ت1395هـ) بتشكيل جهاز خاص بالمسجد الحرام، سمي (الرئاسة العامة للإشراف الديني على المسجد الحرام )، وعين سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن حميد رئيسًا له.

وفي عام 1385هـ عين  سماحة الوالد إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام؛ و رئيسًا للمدرسين والمراقبين في رئاسة الإشراف الديني على المسجد الحرام. ثم في عام 1390هـ عين نائبًا لرئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام للشؤون الدينية. ثم عين عام 1393هـ نائبًا عامًا لرئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام واستمر في هذا المنصب بعد التشكيل الجديد للرئاسة عام 1397هـ ، فكان نائبًا للرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين. وفي عام 1401هـ عين رحمه الله على المرتبة الممتازة وهو نائب للرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين. ثم في عام 1409هـ أصبح رئيسًا عامًا مكلفًا لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

وفي عام 1411هـ عين رئيسًا عامًا لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمرتبة وزير. واستمر في هذا المنصب حتى شهر ذي القعدة عام 1421هـ، حيث صدر الأمر الملكي بالموافقة على طلبه إعفاءه من منصبه، مع استمراره بمهام الإمامة والخطابة بالمسجد الحرام.

وخلال توليه لمنصب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تم بحمد الله تعالى الكثير  من الأمور والتنظيمات والقرارات الشرعية وغيرها التي تهم القاصدين للحرمين منها:

1 – الاكتفاء بوتر واحد في العشر الأواخر من رمضان، حيث كان الأئمة يوترون في صلاة التراويح، ويوترون في العشر الأواخر وترًا آخر في صلاة القيام، فتم الاكتفاء بوتر واحد؛ وكانت أول سنة اكتفي فيها بوتر واحد عام 1414هـ، واستمر العمل على ذلك.

2 – تعيين عدد من أصحاب الفضيلة المشايخ أئمة للمسجد الحرام، وتعيين أئمة آخرين للمسجد النبوي:

فقد تعين في المسجد الحرام كل من: فضيلة الشيخ الدكتور /سعود بن إبراهيم الشريم عام 1412هـ , وفضيلة الشيخ الدكتور / عمر بن محمد السبيل رحمه الله عام 1413هـ، وفضيلة الشيخ الدكتور / أسامة بن عبد الله خياط، عام 1418هـ.

وعين في المسجد النبوي كل من: فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الباري بن عواض الثبيتي، عام 1414هـ، وفضيلة الشيخ / حسين بن عبد العزيز آل الشيخ، عام 1418هـ، وفضيلة الشيخ / عبد المحسن بن محمد القاسم، عام 1418هـ، وفضيلة الشيخ / صلاح البدير، عام 1420هـ.

3 - تعيين عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ مدرسين في المسجد الحرام ومنهم: عدد من أصحاب الفضيلة أئمة المسجد الحرام، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة، وسماحة الشيخ عبد الله الغديان عضو هيئة كبار العلماء رحمه الله، وسماحة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن الكلية عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ محمد العجلان، وفضيلة الشيخ الدكتور محمد عبد القادر العروسي عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ جابر الطيب ابن علي، وفضيلة الشيخ الدكتور سليمان بن وائل التويجري، وفضيلة الشيخ الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي، وفضيلة الشيخ الدكتور وصي الله عباس، وفضيلة الشيخ الدكتور أحمد نور سيف.

4 – في شهر محرم من عام 1417هـ حصل الترميم الكبير للكعبة المشرفة، والذي لم يحصل مثله منذ عام 1040هـ، وانتهى العمل فيها في آخر يوم من شهر جمادى الآخرة عام 1417هـ.

5 – في عام 1419هـ تم إنشاء متحف خاص بالحرمين الشريفين مجاور لمبنى كسوة الكعبة المشرفة.

6 – في شهر شوال من عام 1421هـ انتقلت الرئاسة العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي إلى المبنى الحكومي الجديد في أجياد بعد أن كانت منذ تأسيسها في مبنى مستأجر.

7 – تغيير موعد غسيل الكعبة المشرفة من ليلة النصف من شعبان إلى أول يوم منه .

8 – في عام 1414هـ صدر الأمر الملكي بضم مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي . وغير ذلك كثير من القرارات والإنجازات التي تمت بفضل الله تعالى وتوفيقه .

رابعًا: عضويته في هيئة كبار العلماء:

في جمادى الآخرة عام 1413هـ اختير – رحمه  الله - عضوًا في هيئة كبار العلماء، وقد رأس عددًا من اللجان المنبثقة عن الهيئة، منها: لجنة أعلام الحرم المكي الشريف، ولجنة النظر في المشاريع الجديدة للجمرات بمنى، ولجنة النظر في بعض مساجد المواقيت وغير ذلك من اللجان، كما قدم عددًا من الأبحاث المتعلقة بأعمال الهيئة، منها: الخط المشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته، ومنها: حكم الصلح على أكثر من الدية في قتل العمد وغيرها، وقد استمر في عضويته حتى شهر ربيع الأول عام 1426هـ.

خامسًا: عضويته في المجمع الفقهي الإسلامي:

عين رحمه  الله  عضوًا في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي منذ تأسيسه، وشارك بصفته أحد أعضائه منذ الدورة الأولى التي عقدت في شعبان عام 1398هـ، وكان المجلس يضم في عضويته كلًا من: سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس المجمع، وفضيلة الشيخ محمد بن علي الحركان نائب الرئيس والأمين العام للرابطة، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة، وفضيلة الشيخ محمد محمود الصواف، وفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين، وفضيلة الشيخ محمد رشيد قباني، وفضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء، وفضيلة الشيخ محمد رشيدي، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي الندوي، وفضيلة الشيخ أبو بكر جومي.

واستمر سماحته في عضوية المجمع حتى شهر رجب عام 1433هـ.

وقد رأس رحمه  الله بعض الوفود الرسمية المنبثقة عن الرابطة،  ومن ذلك زيارته إلى جمهورية إيران الإسلامية بعد ثورة الخميني؛ حيث ذهب وفد من الرابطة برئاسته في حدود عام 1400هـ وعضوية عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ، كان منهم عضو المجمع الفقهي فضيلة الشيخ اللواء محمود شيت خطاب، والتقى الوفد بالخميني، وسلمه الوالد هدية الرابطة وهي نسخة من المصحف الشريف، ودعاه إلى تطبيقه والعمل بما فيه، وبما جاء عن النبي  e،  ، وبين له خلال اللقاء استنكار المسلمين ما حصل من قتل وتدمير بسبب الثورة.

وقد كتب رحمه الله للمجمع العديد من الأبحاث العلمية نشرت في مجلة المجمع الفقهي، منها: حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، وحد السرقة في الشريعة الإسلامية، وحكم مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين، وغيرها.

سادسًا: رئاسته للجنة أعلام الحرم المكي الشريف:

عين رحمه الله رئيسًا لهذه اللجنة منذ تأسيسها بقرار من هيئة كبار العلماء وموافقة المقام السامي عليها عام 1412هـ . وقد قامت هذه اللجنة  ببيان حدود الحرم المكي وتحديد أعلامه ورصد مسار الحد بين هذه الأعلام، وقد قامت لأجل ذلك بالرجوع إلى المصادر الشرعية والتاريخية بالإضافة إلى وقوفها على الأعلام القديمة وذلك بالصعود على قمم الجبال، والنـزول لبطون الأودية، وركوب طائرات الهليكوبتر للجبال الشاهقة؛ لتقف على حدود الحرم وأعلامه، وتم بحمد الله تعالى إنجاز العمل، ونصبت الأعلام الجديدة على مداخل مكة السبعة: (وهي: طريق جدة السريع، وطريق جدة القديم، طريق الهدا، طريق السيل، طريق الليث، طريق المدينة، طريق اليمن القديم، طريق الحسينية)، كما أن اللجنة حددت النقاط لوضع أكثر من خمسمائة علم على حدود مكة كاملة، ورصدت اللجنة أماكن الأعلام ومواقعها بالخرائط، وحددت نقاطها وإحداثياتها عبر الأقمار الاصطناعية، وكان حصيلة ما حددته اللجنة من الأعلام في جميع محيط الحرم ( 1104) أعلام، تم رصدها على الخرائط، وحددت الإحداثيات عبر الأقمار الصناعية بواسطة خبراء من هيئة المساحة العسكرية، التابعة لوزارة الدفاع والطيران، وقد فرغت اللجنة من هذه الأعمال والخرائط عام 1422هـ. كما قامت اللجنة أيضًا برسم مسار للحد بين الأعلام، وقامت بعمل الخريطة اللازمة لذلك، وتم ذلك بفضل الله تعالى عام 1429هـ، وتتولى وزارة الداخلية تنفيذ ما توصلت إليه اللجنة حيث إنها الجهة المكلفة بذلك من المقام السامي. وقد أصبح بالإمكان تحديد جميع الأماكن في مكة المكرمة من حيث كونها داخل حدود الحرم أم خارجه. وهو أمر لم يعمل مثله من قبل على مدى التاريخ.

سابعًا: رئاسته للجمعية الخيرية للمساعدة على الزواج والرعاية الأسرية بمكة المكرمة .

ثامنًا: رئاسة اللجنة الشرعية للمشاعر المقدسة بمكة المكرمة.

تاسعًا: عضويته في جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة.

عاشرًا: عضويته في هيئة التوعية الإسلامية في الحج.

حادي عشر: عضويته في مجلس الدعوة والإرشاد.

ثاني عشر: عضويته في المجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة.

ثالث عشر: عضويته في الجمعية العامة لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.

 

المبحث الرابع

جهوده الدعوية

أولا: المشاركة في البرامج الإذاعية:

كان له رحمه الله العديد من البرامج الإذاعية التي تسهم في نشر العلم الشرعي وتبصير الناس بأمور دينهم، منها: برنامج(من هدي المصطفى e)، وبرنامج (من منهج التربية الإسلامية)، وبرنامج (من مشكاة النبوة)، وبرنامج (حديث الاثنين).

كما تم تسجيل القرآن الكريم كاملًا مرتلًا بصوته، ويبث عبر الإذاعة والتلفاز.

وفي مطلع عام 1420هـ رغب منه سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز (ت1420هـ) رحمه الله المشاركة في البرنامج الإذاعي اليومي (نور على الدرب) والذي يجيب فيه سبعة من العلماء على أسئلة المستمعين، وقال: إنه درس الموضوع مع أصحاب الفضيلة أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فرأوا جميعًا ترشيحه للإجابة على أسئلة المستفتين في هذا البرنامج المهم، فوافق الوالد على ذلك، واستمر مشاركًا في هذا البرنامج حتى عام 1427هـ، حيث اعتذر رحمه الله عن الاستمرار فيه.

ثانيا: الرحلات الدعوية والمحاضرات في الداخل والخارج:

كان له رحمه  الله  الكثير من المحاضرات الدعوية والدروس العلمية في كثير من مناطق المملكة.

كما قام رحمه الله بالكثير من الرحلات الدعوية خارج المملكة ابتدأها في عام 1395هـ برحلة إلى جمهورية غينيا في زمن رئيس الجمهورية أحمد سيكتوري، وآخر رحلاته الدعوية في الخارج كانت لليابان عام 1424هـ، وتزيد عدد رحلاته رحمه   الله على مئة رحلة دعوية، لأكثر من خمسين دولة من دول العالم وهي:

(سلطنة عمان، المغرب، السودان، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، لبنان، الجزائر، مصر، سوريا، إيران، غينيا ، مالي، نيجيريا، الكامرون ، غانا، غامبيا، أثيوبيا، السنغال، جنوب أفريقيا، كينيا، ألمانيا، السويد، سويسرا، فرنسا، الدانمارك، فنلندا، أسبانيا، النرويج، بريطانيا، فنزويلا، تركيا، اليابان، روسيا، أوزبكستان، طاجكستان، هونج كونج، تايلاند، ماليزيا، أندونيسيا، الصين،  المالديف، الفلبين، بنغلاديش، الهند، كشمير الحرة، وكشمير المحتلة، الباكستان، نيبال، سيرلانكا، كندا، المكسيك، الولايات المتحدة الأمريكية).

وقد التقى خلال هذه الرحلات بكبار علماء وأعلام العالم الإسلامي من الفقهاء والمحدثين والدعاة والمشايخ ورؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية في مختلف دول العالم التي زارها.

كما التقى بعدد من رؤساء الدول الإسلامية وغيرها، منهم: الرئيس أحمد سيكوتوري رئيس جمهورية غينيا، والرئيس ألفا عمر كوناري رئيس جمهورية مالي، والرئيس رفيق تراوري رئيس جمهورية باكستان الإسلامية، والشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة، ورئيس وزراء باكستان نواز شريف، ورئيس وزراء مالي عثمان أيسوفي ميغا.

 وقد قام هؤلاء الرؤساء بزيارته في منزله بمكة المكرمة وقدموا شكرهم وتقديرهم له على جهوده الدعوية التي قام بها في بلادهم وعموم بلاد المسلمين.

كما ألتقى خلال هذه الرحلات الدعوية بعدد آخر من الرؤساء والزعماء ، منهم:الرئيس الجنرال لانسانا كونتي رئيس جمهورية غينيا، وغلام إسحاق خان رئيس جمهورية باكستان الإسلامية، وسردار عبد القيوم رئيس وزراء كشمير، وسردار اسكندر نجاة رئيس كشمير،  والسلطان قابوس بن سعيد رئيس سلطنة عمان، والملك الحسن الثاني ملك المغرب، والشيخ جابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ سعد العبد الله الصباح ولي العهد الكويتي، وعبد الرحمن سوار الذهب رئيس جمهورية السودان، وحسن الترابي رئيس وزراء السودان، ورئيس وزراء أثيوبيا، والخميني مرشد الثورة في إيران، والجنرال موسى تراوري رئيس جمهورية مالي، والرئيس الفا عمر كوناري رئيس جمهورية مالي، والسيد إبراهيم كيتا رئيس الوزراء فيها، والسيد حسن موسى كمر رئيس جمهورية غامبيا، ورئيس جمهورية نيجيريا، والحاج عثمان شيخو شغري رئيس الحكومة فيها  ، وملك ماليزيا، ورئيس جمهورية أوزباكستان، وشكر الله مير سعيد رئيس وزراء جمهورية أوزباكستان، وتركات أوزال رئيس الوزراء التركي، وأحمد أهيجو رئيس جمهورية الكاميرون، وعبدو ضيوف رئيس السنغال، والرئيس ليوبولد سنقور رئيس السنغال، وغيرهم من الرؤساء والزعماء، بالإضافة إلى عدد كبير من الوزراء، ورؤساء المراكز والجمعيات في الدول التي يزورها، بالإضافة إلى شخصيات أخرى يجتمع بها من خلال المؤتمرات التي يشارك فيها في الخارج.

المبحث الخامس

وفاته وثناء العلماء عليه

أصيب رحمه الله بالتهاب رئوي وضعف في القلب دخل على إثره مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بجدة يوم السبت 5/7/1433هـ وبقي فيها للعلاج حتى وفاته رحمه الله  يوم الاثنين 4/2/1434هـ وقد صُلي عليه بعد صلاة العصر في المسجد الحرام يوم الثلاثاء 5/2/1434هـ وأمَّ المصلين معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله ابن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ، وشيعته جموع غفيرة يتقدمهم العلماء والكبراء من أعضاء هيئة كبار العلماء وأئمة الحرمين الشريفين والقضاة والمشايخ والمسئولين ، وكان يومًا مشهودًا ، وجنازة مهيبة ، وقد نعاه الديوان الملكي ، وعزى الأمة الإسلامية بفقده من منبر المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في خطبة الجمعة 8/2/1434هـ وصلى عليه المسلمون صلاة الغائب في عدد من دول العالم الإسلامي وغيره، وتأسف على فقده المسلمون.

وقد تتابع الثناء عليه رحمه الله من العلماء والأعلام، والمشايخ الكرام، والوزراء والمسئولين، ومن ذلك :

ما قاله أمير منطقة مكة المكرمة سمو الأمير خالد الفيصل عند تقديمه العزاء لأبناء الفقيد في منزل سماحة الوالد رحمه الله:

« أنقل لكم تعازي خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين في رحيل الشيخ الجليل والإمام الكبير محمد السبيل الذي كان منارة للعلم ومثالًا للوسطية والاعتدال، أحب الناس فأحبوه، وكان مثالا للإمام الصالح، خلق له مكانة عظيمة في نفوسنا جميعًا بدماثة خلقه، ولا يمكن لأي إنسان عمل معه إلا وأحبه، وهو من الرجال الذين نعتز بهم ونفخر بمثلهم في المجتمعات المباركة، والمجتمع في أصله قام على مثل هؤلاء الرجال وهذه النماذج المشرفة الذين نصروا الله ودين الله فنصرهم الله تعالى، كان –رحمه الله- يضع يده في أيدي ولاة الأمر بالتعاون على البر والتقوى فهم مثال للإخلاص. إن هذه البلاد المباركة قامت على الدين والشريعة دستورها القرآن ومنهجها سنة النبي e،  ، لذا نحمد الله على هذا التكاتف بين أبناء الوطن والقيادة، ونحن نقدر ونحترم كل إنسان يغار على دينه ويخدم وطنه، ونعزي أنفسنا أن فقدنا مثل هؤلاء الرجال، نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يجعله في الجنة خالدًا، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدمه للناس من خير ونفع وعطاء وأن يثبت أبناءه على نهجه ويصبرهم في مصابهم فقد فقدنا والدًا للجميع» (صحيفة المدينة 7/2/1434هـ).

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة:

« فقدنا عالمًا فاضلا من علماء المسلمين وفضلائهم، وقد أم الحرم لأكثر من أربعين عامًا، وكان فيه نعم العالم الفاضل، والإمام الحريص، عرف عنه رحمه الله الأمانة والخلق والتقى والصلاح والطهارة، والنقاء والفضل، فهو رجل علم وصلاح وفضل ...... ومعروف عنه الاتزان والثبات في القول والعمل، ولم ينقل عنه شيء مخالف، وكان يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ». (صحيفة الجزيرة 6/2/1434هـ).

وقال سماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء:

« كان كثير الخير في عبادته ونصحه وإرشاده وعقله رحمة الله عليه... كان نعم الرجل في عقله وتعامله مع الناس... كان من أعضاء هيئة كبار العلماء، وكان نعم الصاحب، وهو درسني تدريسًا خفيفًا عام 1367هـ لما افتتحت مدرسة البكيرية، ودرست عليه شهرًا، وسافرت للرياض، وكان جيدًا في معلوماته، وهو فصيح اللسان، شاعر يجيد الشعر، وينظم الشعر، وكان يُدَرِّس في معهد بريدة، يدرس ابن عقيل في النحو».(تسجيل صوتي بتاريخ 4/2/1434هـ).

وقال معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء:

« فقدت الأمة العالم المسند الفقيه الإمام معالي الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز السبيل، رحمه الله وغفر له، الذي أم الناس في بيت الله ما يقرب من 45 عاما، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو المجمع الفقهي الإسلامي ورئيس الحرمين الشريفين. فقد عرف الشيخ – رحمه الله - عالما راسخا في علمه، ونبيلا راقيا في أدبه وحسن تواصله وإحسانه، وتخلقه بآداب الشريعة وسمت حملتها، حمل العلم فتعلم وعلم، واستبطن الخلق فتأدب وأدب...... الشيخ – رحمه الله - في كل ما تولاه من أعمال وتعليم ودعوة وإدارة وتوجيه كان متأنيا في قراراته، مترويا في إجراءاته، يعالج الأمور بحكمة سالكًا مسالك الوسطية، حريصا على كسب الرضا، وحفظ الود، ولا سيما العاملون معه، حَسَن الإنصات في علم وصبر وأناة وحكمة.......ومن دلائل حكمته وفضله وثقة المسلمين فيه أنه قام عام 1415هـ، بزيارة إلى جمهورية مالي بدعوة من رئيسها ألفا عمر كوناري، وكان يرافقه في هذه الزيارة معالي الدكتور محمد أحمد علي، رئيس بنك التنمية الإسلامي، وطلب الرئيس من الشيخ أن يقوم بجهود الصلح بين بعض القبائل هناك وكان قد أوشكت أن تقوم بينهما حرب أهلية، فما كان من الشيخ بتوفيق الله له ثم بحكمته وعلمه وحسن تصرفه إلا أن قام بجهود مباركة أثمرت عن قبول الصلح وحقن الدماء في ذلك البلد المسلم وحمد الناس له مساعيه المشكورة.

ومما يحفظ للشيخ كذلك – رحمه الله – أنه قال في أحد لقاءاته لبعض رؤساء الدول التي يتكون شعبها من مسلمين وغير مسلمين والبلد يسوده الهدوء والنظام والرئيس غير مسلم قال له الشيخ مذكرا ومنبها: إن العدل وملاحظة حقوق الناس والنظر إليهم بالسوية هو الذي يحقق هذا الهدوء والانتظام والرضا، أما الظلم والجور فإنه عدو الشعوب وعدو الاستقرار. وكان لهذه الكلمات موقعها وأثرها على ذلك الرئيس كما قال الحاضرون، فرحم الله الشيخ، ما أحكمه وما أعقله!

ومجلس الشيخ رحمه الله عامر بكل طبقات المجتمع بل من كل أنحاء العالم الإسلامي، وقد زاد من ذلك ووثقه رحلاته العلمية والدعوية، فالشيخ – رحمه الله – يكاد يكون جاب أرجاء العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه فزار المراكز الإسلامية والمدارس الدينية والأقليات الإسلامية وتوثقت بتلك الزيارات العلاقات فكان بيته عامرا بالزوار من جميع شعوب العالم الإسلامي يدفعهم لذلك كرم الشيخ ولطفه وحسن استقباله ودماثة خلقه بل لقد ظهر ذلك في يوم جنازته – رحمه الله – فقد كان يوما مشهودا في المشيعين من العلماء والغرباء والوجهاء والفقراء وكل الفئات والطبقات، فرحمه الله رحمة واسعة. والشيخ – رحمه الله - عالم متمكن في علوم الفقه والتوحيد والعربية وآدابها، والشيخ يحفظ من عيون الشعر وغرر القصائد ونوادر القصص والملح ما يعكس علم الشيخ وفقهه وفضله وظرفه وحسن حديثه وأنس مجلسه.

كما أنه سريع الاستحضار للأدلة والشواهد، وجليس الشيخ لا يمل، فمجلسه مجلس علم وفقه وأدب فيه النوادر الفقهية والملح الأدبية والمقطعات الشعرية..... )).

 (صحيفة الشرق الأوسط 11 /2/1434هـ).

وقال فضيلة الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء:

« رحيل الشيخ السبيل خسارة للأمة، فقد كان من أهل العلم الغزير الواسع مع الأخلاق الحميدة والتواضع والأناة». (صحيفة الجزيرة 6/2/1434هـ).

وقال معالي الشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي:

« لقد فقدت الأمة الإسلامية بوفاة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل عالما من علمائها الذين اشتهروا بالتواضع ولين الجانب وحسن الخلق والعلم الواسع، عالمًا عاملًا،... وقد استقبل العالم الإسلامي نبأ وفاته بالحزن العميق، وكم هي الاتصالات والتعزيات التي تلقتها الرئاسة من مديري الجمعيات والمراكز الإسلامية في شبه القارة الهندية وأوروبا وجنوب أفريقيا وغيرها.

ولقد شرفت بالعمل معه -رحمه الله- منذ تعييني إماما وخطيبا للمسجد الحرام ووجدت منه كل محبة وعون وتوجيه، وأذكر له ويذكر غيري كثير خيره وفضله علينا جميعًا في الحرم ومنسوبي الرئاسة، فكان منذ أن وطئت قدماي مكة لنيل شرف الإمامة في الحرم الشريف استقبلني بكل حفاوة، وشجعني على القيام بهذه المهمة العظيمة، ..... كان شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز يجله ويعتبره مرجعية معتبرة في مكة المكرمة لعلمه وفضله، وهو بحر في الفقه لاسيما فقه الحنابلة، وقد نلت شرف التدريس في الحرم في عهده المبارك ووجدت منه التشجيع والدعم الكبير، وسعى لي ولزملائي الأكارم في وجود خلوات في الحرم تعين على راحة الإمام وقيامه بمسؤوليته، وقد عني بمعهد الحرم وكان من أساطينه وأعمدته ورموزه، وقد أفدت من مجالستي له كثيرًا فهو كتاب مفتوح ومدرسة متميزة لا تمل مجالسته ولطف معشره، جمع الله له بين العلم والعقل والأدب والخلق وحب الناس له.

وقد عني بالرحلات الدعوية فلا تكاد تمر سنة إلا وله مشاركات في الدعوة إلى الله خاصة في باكستان والهند وجاليتيهما في أمريكا وأوروبا وغيرهما، وله عندهم مكانة مرموقة استثمرها في حبهم للحرمين وأئمتهما وعلمائهما في نشر المعتقد الصحيح والمنهج القويم، وهو أديب متمكن وأريب بارع وما مرثيته الشهيرة في سماحة الشيخ عبد الله بن حميد إلا دليل على علو كعبه في الشعر والأدب، وله مؤلفات كثيرة وإسهامات في أبحاث المجمع الفقهي.... ». (صحيفة المدينة 7/2/1434هـ).

وقال معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي:

« كان لي أخًا وزميلًا وصديقًا... كان يسعى إلى حل أي إشكال يحدث، وكان هو المدرس الذي جمع مع العلم العمل، البشاشة في الوجه وحسن البهجة. وكان على ذلك محبًا للبحث العلمي حريصًا على جمع الفوائد والكتب، أما في حب النادرة والغوص على النكتة الرصينة فإنه كان المثال الجيد على ذلك، إذ كان يحفظ شعرًا كثيرًا من شعر المتقدمين ويتذاكر فيه ويستشهد به مع زملائه، وله إلى جانب ذلك شعر جيد نقلت منه ما يكفي في معجم أسر البكيرية الذي لا يزال مخطوطًا... كان كثير الاستحضار للنصوص وكان الذي يجلس معه لا يعدم من فائدة علمية يكتسبها أو نكتة بريئة يضحك لها أو معلومة قيمة يستفيدها. وكان يهتم بمعرفة كتب العلماء القدماء ويحرص على الاطلاع على ما لم يكن قد اطلع عليه » (صحيفة الجزيرة 12/2/1434هـ).

وقال فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي عضو هيئة كبار العلماء:

« كان علمًا بارزًا من أعلام الأمة وعلمائها، فسيفقده البيت الحرام، والركن، والملتزم، والحجر، وحلق الذكر، كما ستفقده مجامع الفقه والعلم، وجمعيات الإحسان والبر » ( صحيفة المدينة 5/2/1434هـ).

وقال فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي:

«فقدنا علمًا من أعلام الحرمين، وركنًا من أركان العلم، وإحدى المدارس التي تخرج منها الكثير من طلبة العلم، بحكم تدريسه للتوحيد والتفسير والفقه وأصوله والفرائض والنحو والبلاغة والعروض والقوافي، ويعتبر واحدًا من أعلام التوحيد، ومن رموز الدين، فقد أم المصلين في المسجد الحرام في مكة المكرمة لأكثر من 45 عامًا، ولا نزكيه على الله، من المجتهدين في الدين، والمدافعين عن أمتهم وعقيدتهم» (صحيفة عكاظ 5/2/1434هـ)

وقال فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام:

« إن من أشد الأنباء تكديرًا، وأعظمها إيلامًا وتأثيرًا: نبأ وفاة سماحة الوالد العلامة الجليل المحدث الفقيه الشيخ محمد بن عبد الله السبيل.......كان –رحمه الله- الإمام القدوة، والخطيب المؤثر، والداعية الصادق، والعالم المتمكن، والناصح المخلص، والإداري الناجح، أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله...كان رحمه الله تقبل عليه فيلقاك هاشًا باشًا بأحسن لقاء، وأجمل عبارة، وتصغي إليه، فتجد في كلامه نصحًا رفيقًا، وإرشادًا، وتوجيهًا، حكيمًا مسددًا، مستلهمًا من هدي خير الورى صلوات الله وسلامه عليه القائل: عليكم بالرفق في الأمر كله، فإن الرفق ما كان في أمر إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه. .....، وكان رحمه الله متصفًا بأحسن الصفات وأجملها من سلامة الصدر ،وحسن الخلق، ولين الجانب، وحب الإحسان إلى عباد الله ببذل المعروف والسعي إلى الإصلاح والإكرام لهم، وكثرة التودد إليهم، وقد كان والدي رحمه الله وهو الذي كان وثيق الصلة به رحمه الله لاشتراكهما في الخطابة في المسجد الحرام ردحًا من الزمن – كان كثير الثناء عليه، عظيم المحبة له، موصول الدعاء له، رحمهما الله وأحسب أن سماحته رحمه الله ممن جمع الله له الخصال الواردة في الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارة أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له......». (صحيفة المدينة 6/2/1434هـ).

وقال فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام:

« وفاته خسارة للأمة؛ لأنه أحد الأعلام في الأمة، وقدم خدمة كبيرة طوال حياته في نشر العلم والإفتاء والدعوة إلى الله تعالى». (صحيفة عكاظ 5/2/1434هـ).

وقال فضيلة الشيخ صلاح البدير إمام وخطيب المسجد النبوي:

«فقدنا رجلًا من رجال الدين وعلمًا بارزًا ومعلمًا مخلصًا لدينه وأمته، تخرج على يديه رحمه الله الكثير من طلبة العلم... وهو من المخلصين المجاهدين في دينهم... وهو مدرسة عظيمة، درس بها الكثير من طلاب العلم الذين يحتلون اليوم الكثير من المنابر الدينية، فلقد علا منابر المسجد الحرام، وكان رمزًا من رموز الحرمين الشريفين، ولن يُنسى، بل ستبقى سيرته عاطرة على مر العصور والأجيال » (صحيفة عكاظ 5/2/ 1434هـ).

وقال معالي الدكتور محمد بن ناصر الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام:

« عالم من علماء الأمة، تقي، ورع، ذو أخلاق رفيعة، ومناقب عالية، وتواضع جم... سماحته من رواد التعليم الأوائل ذوي الأثر الطيب والتأثير الملموس، وقد أحبه طلابه رحمه الله وكانوا يتنافسون إلى حضور دروسه دون كلل أو ملل وذلك لغزارة علمه وحسن أسلوبه وقدرته على إيصال المعلومة وبشاشته وسماحته...في المجالس يفسر ويحدث ويفتي ويروي الجيد من الشعر وأمثال العرب والقصص الهادفة، موفق في اختيار الشواهد أثناء حديثه من القرآن الكريم والسنة المطهرة أو الشعر أو الحكمة، فيشد السامع إليه بحسن عبارته، وبراعة استهلاله وحسن انتقاله من فكرة إلى أخرى، فهو عالم ومرجع في علوم شتى، منها علوم القرآن والحديث والفقه والفرائض وعلوم اللغة العربية.

ليس على الله بمستكثر          أن يجمع العالم في واحد

وهو محبوب لدى الجميع... أحسن رحمه الله القيادة، وحزم أمر الإدارة، وتميز في رئاسة الحرمين الشريفين، وطور العمل فيها، فتحقق في وقته بدعم خادم الحرمين الشريفين الشيء الكثير في الحرمين الشريفين » (صحيفة الجزيرة 6/2/1434هـ).

كما نشرت الكثير من المقالات الأخرى من العلماء والدعاة من مختلف دول العالم الاسلامي .

رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الجنان، وجزاه عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء على ما بذل وعمل، وضاعف له المثوبة والأجر، وجمعنا به في مستقر رحمته، ودار كرامته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

وختامًا:

كل الذي قُلْتُ بعضٌ من مناقبه            ما زدتُ إلَّا لعلِّي زدتُ نقصــــانا

فاللهم اغفر التقصير والزلل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

                          وكتبه/عبد المجيد بن محمد السبيل 1-3-1434هـ  

(1) نشر لسماحته ترجمة في: محاضرة للوالد الكريم رحمه الله بعنوان (ذكريات في المسجد الحرام) ألقاها في دارة الملك عبد العزيز ونشرت في مجلة الدارة، ع3، السنة 29، 1424هـ، ص 207-218؛ ترجمة كتبها أخي الشيخ عمر السبيل رحمه الله ونشرت في كتاب (قبسات من خطب الحرمين الشريفين) ص6؛ أئمة المسجد الحرام ومؤذنوه، عبد الله الزهراني، ص 42؛ أعلام وحدود الحرم المكي الشريف، ص 52؛ البكيرية، صالح الخضيري ص230؛ تاريخ أمة في سير أئمة، معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد، 3/1267؛ تاريخ القضاء والقضاة، عبد الله الزهراني، 3/96؛ تاريخ مساجد بريدة القديمة وتراجم أئمتها، عبد الله الرميان، ص 217؛ المسجد الحرام في قلب الملك عبد العزيز، الشريف عبد الله العبدلي، ص 66؛ موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين، 2/34؛ موسوعة أسبار 3/1072؛ موسوعة تاريخ التعليم في المملكة، 5/250؛ وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم، يوسف الصبحي، ص 365 ومن مصادره: الجواهر الحسان، ترجمة رقم 277.

(2) انظر الترجمة التي كتبها أخي الشيخ عمر السبيل إمام وخطيب المسجد الحرام رحمه الله للعم الشيخ عبد العزيز، وأوردها الشيخ عبد الله البسام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون 3/467. وانظر كذلك: (شجرة آل سبيل) والتي عملها أخي الشيخ عمر رحمه الله عام 1417هـ.

(3) قام أخي الدكتور / عبد الملك بحصر القصائد والأبيات التي نظمها الوالد – رحمه  الله – وجمعها في ديوان مستقل عام 1416هـ.

(4) انظر: تاريخ مساجد بريدة القديمة، د. عبد الله الرميان، ص 275.

(5) ذكريات في المسجد الحرام، ص 217.

ملف وورد و PDF: 
AttachmentSize
PDF icon serah.pdf322.39 KB
ترجمة مختصرة لسماحة الشيخ العلامة

محمد بن عبد الله السبيل

إمام وخطيب المسجد الحرام

وعضو هيئة كبار العلماء

وعضو المجمع الفقهي الإسلامي

والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي

رحمه الله تعالى

(1345هـ - 1434هـ)

 

المقدمـــــــــــــــــــــــــة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فهذه ترجمة مختصرة لسماحة الوالد الشيخ العلامة محمد بن عبد الله السبيل(1) إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء وعضو المجمع الفقهي الاسلامي -رحمه الله- تشتمل على المباحث التالية:

المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ." data-share-imageurl="">