ما هي منزلة الصبر ؟ وما جزاء الصابرين ؟
الصبر له منزلة عظيمة عند الله تعالى ، ولا يتم إيمان العبد إلا بالصبر ، والصبر من أفضل الأعمال ، وجزاؤه عند الله غير محدود ، فإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها وتتضاعف حتى سبعمائة ضعف أو أكثر ، فإن جزاء الصبر ليس له حد ، فالله سبحانه وتعالى يقـول : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر:10] ، والصّبر ثلاثة أقسام :
القسم الأول : الصبر على الطاعات : فالمسلم مطالب بالصبر على طاعة الله جلّ وعلا ، وعلى رأسها الفرائض ، وفي مقدمتها الصلاة ، فيجب أداؤها في وقتها ، وبجميع أركانها وشروطها وواجباتها ، فالمحافظة على الصلاة مثلا يتطلب الصبر عليها ، فالنائم عندما يسمع أذان الفجر ، ثم يجهد نفسه ، فيقوم ، ويتوضأ، ويذهب للمسجد، فهذا من الصبر على الطاعات .
ومن الصبر على الطاعات الصبر على بر الوالدين، ومعاملتهم معاملة حسنـة ، وتحمل ما يحصل منهم ، قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ، رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ) [الإسراء:23-25] .
ومن الصبر على الطاعة الصبر على تربية الأولاد ، وتأديب المرء أهل بيته ، وغير ذلك .
القسم الثاني : الصبر عن المعصية : يصبر ويحمي نفسه من المعاصي ، ويمنعها من اتباع الهوى وحظوظ النفس وشهواتها . ومن المعاصي التي يصبر عليها الكلام في أعراض الناس .
القسم الثالث : الصبر على أقدار الله تعالى المؤلمة : فإن ما ينـزل على البشر من مصائب ، كموت ابن ، أو مرض يصيب الإنسان في نفسه ، أو عقله ، أو بدنه ، أو يصيب قريبه ، فعلى المرء أن يصبر على هذه الأمور ، ويحتسب ، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويعلم أن هذا كله من عند الله، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) [التغابن:11] ، قال علقمة رحمه الله : هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله ، فيرضى ، ويسلم ، ويقول هذا قضاء الله ، آمنا بالله ، ورضينا بقضاء الله ، فهذا يملأ الله قلبه إيمانا وطمأنينة ، ويحصل له من الأجر العظيم ما يحصل ، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الصابرين . والله أعلم .