محمد السبيل.. عالم من جيل كبار الفقهاء
يعد واحدًا من أبرز علماء الأمة ويؤمن باختلاف العلماء
طالب بن محفوظ .
«يعد الراحل الشيخ محمد بن عبدالله السبيل، واحدا من أبرز فقهاء الأمة، حيث تميز بالرسوخ في العلم وقوته، فكان بتلك الخلفية العلمية مرجعا شرعيا لمسلمي العالم، وكان محل اهتمام العلماء والمؤسسات الشرعية؛ فعلى المستوى المحلي عضوا في هيئة كبار العلماء، وعضوا في مجلس الدعوة والإرشاد، وعضوا في لجنة التوعية الإسلامية في الحج، وعلى المستوى الدولي كان عضوا في المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي، وفي العديد من الهيئات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم.
وذلك الذي جعله يقدم الكثير من الأبحاث الفقهية العلمية للمجمع الفقهي، ويقدم العديد من الرسائل العملية، مثل: مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين.. شروطها وضوابطها الشرعية، حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، حكم الاستعانة بغير المسلمين في القتال، الرد على القاديانية، إضافة لديوان الخطب والمؤلفات حول الفرائض والنحو والصرف، وفتاوى وأجوبة على بعض المسائل الدينية منها التي كان يفتي بها في برنامج «نور على الدرب» في إذاعة القرآن الكريم.
وكان الشيخ السبيل في خطبه في المسجد الحرام أو أحاديثه الصحفية أو الإعلامية بحكم أنه كان عضوا في هيئة كبار العلماء، يعرض القضايا الاجتماعية كداء ثم يضع لها الدواء، مثل العلاقة بين الزوجين، حيث يقول في إحدى خطبه: «البيت هو عماد الحياة، وقيام السعادة، واطمئنان النفوس واستقرارها، ولا يصلح إلا إذا قام الرجل بواجبه، وأصلح أمر أهله، وأحسن عشرتهم وكذا الحال في حق الزوجة، فعلى المرأة المسلمة أن تساهم بما يجب عليها لأولادها وزوجها، فالمنزل هو المدرسة الأولى للحياة، وهو الأساس الذي يصلح النشء بإذن الله، ويربيهم التربية الإسلامية الصالحة التي تقودهم إلى الحياة الطبية، والسعادة في الدارين...
وعن أول رحلة للشيخ السبيل خارج المملكة قال: «كانت أول رحلة خارج المملكة عام 1395 هــ إلى غينيا بناء على طلب رئيس غينيا لأحد أئمة الحرم لإمامة صلاة العيد، ويقوم بالوعظ والإرشاد في الجمهورية، وقد وقع الاختيار علي، وسافرت في أواخر رمضان، وزرنا جميع المدن، وكان المرافق لنا هو فخامة الرئيس أحمد سيكوتوري، وقضينا هناك حوالي 12 يوما»، أما الرحلات التي تلتها يقول عنها: «كانت رحلة عمل لحضور مؤتمر السيرة النبوية، وكانت المدة 21 يوما، وكان ذلك عام 1396هـ، وبعد ذلك سافرت إلى باكستان خمس مرات، والهند وغينيا والسنغال مرتين، وزامبيا ومالي ونيجيريا والكاميرون مرة واحدة، وقد التقيت بجميع رؤساء هذه الدول أثناء تلك الزيارات» . عرف عن الشيخ السبيل الصدق، الإخلاص، الأريحية، التواضع، الدفء عند التوجيه والوعظ والإرشاد، الاهتمام بشؤون العامة، العناية بمصالح الناس، والنصح لولاة الأمر...
يقول الشيخ السبيل عن فترة تلقيه العلم منذ الصغر: «في فترة الصغر لم أتلق سوى القرآن الكريم وتعلم فنون الخط فقط، وبعد أن انتهيت من حفظ القرآن بحمد الله عندما بلغت الرابعة عشرة، وبعد ذلك درست عند المشايخ بالمساجد التي يعقدها المشايخ لتدريس النحو والقواعد العربية والفرائض والحديث والتوحيد والفقه والتاريخ، ومن المشايخ الذين أخذنا عنهم العلم فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن سبيل وهو شقيقي، وكان قاضيا في ذلك الوقت، وفي 1367هـ عملت مدرسا في أول مدرسة ابتدائية بالبكيرية عندما طلبني الشيخ المانع، الذي كان مديرا للمعارف في ذلك الوقت رحمه الله، وقد توليت تدريس الفقه والتوحيد والنحو وجزء من الحساب.
وحين تذكره لتلك الأيام التي كان الصغار يشغلون أوقاتهم بطلب العلم، قال الشيخ السبيل: «من حسن الحظ أن كان الفراغ كبيرا، ولم يكن هناك شيء يشغل الإنسان، فكنا ندرس بعد صلاة الفجر بالقراءة في العقائد، وبعد طلوع الشمس نبدأ في قراءة الكتب المطولة كالفقه والحديث والتاريخ، وبعد صلاة المغرب كنت أدرس النحو والفرائض، الفراغ الموجود في حياة المدرس والتلميذ كان حافزا على المزيد من تلقي العلم عند الطالب، ومزيدا من العطاء لهم من المدرس، فكان الوقت تقريبا تستغرقه الدراسة ولله الحمد، خاصة وأن وسائل الحياة والرفاهية الموجودة الآن لم تكن متوفرة في أيامنا حينذاك إلا في الندرة، وكذلك لم تكن هناك صحف أو وسائل استماع كالراديو والتلفزيون، فكان مجتمعنا هو المسجد والبيت».
المصدر : عكاظ الأسبوعية، الجمعة 19/8/14345هـ، 28/6/2013م