محمد السبيل شيخ العلماء والعالم الرباني المربي
عبدالله الشيعاني( 1433هـ ).
« ظروفه الصحية قطعته عن المسجد الحرام بعد 42 عامًا إمامًا وخطيبًا
انقطع صوت الشيخ محمد عبدالله السبيل منذ فترة زمنية عن منبر الجمعة وإمامة المصلين؛ لظروفه الصحية. حيث مكث يؤم المصلين في الحرم المكي ما يزيد عن 42 عامًا.
الشيخ محمد السبيل. أحد أعلام المملكة، ومن رجالات الدولة الكبار، أفنى عمره في خدمة دينه، ووطنه, وحظي بثقة ولاة الأمر في إمامة وخطابة المسجد الحرام، ثم في الإشراف على شؤون المسجدين الشريفين، وغير ذلك مما أسند وكلف به، فقد قام بما أوكل له من أعمال من ولاة أمر بصدق وإخلاص، وسعى جاهدًا ومثابرًا لتحقيق تطلعات ولاة الأمر، وتنفيد توجيهاتهم في خدمة المسجدين الشريفين وتطويرهما، والعمل بجد وإخلاص في خدمة ضيوف الرحمن وزوار المسجدين الشريفين في الحقبة الماضية...
درس على يديه الكثير من طلاب العلم الذين أصبحوا من كبار علماء المملكة أمثال الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان.
وقد تجسدت في خطبه للجمعة في المسجد، سلامة اللغة وسهولتها، والبلاغة، والإيجاز، وحسن العرض والتوجيه، والعلم، والفقه، والتربية، والأخلاق، وحسن العرض والتوجيه، ومتابعة السنة شكلا وموضوعًا، وموافقتها لهدي النبي أسلوبًا ومضمونا.
وكل من يعرف الشيخ السبيل وتعامل معه, أو زاره وتردد عليه، يلمس مدى ما يتمتع به من تواضع محمود، ولين جانب ملحوظ، واحترام للآخرين ممدوح، ولو اختلف الشيخ معهم؛ فتراه ينزل الناس منازلهم، يوقر الكبير، ويحنو على الصغير، ويعطف على الفقير، لا يرد أحدًا قصده وطلبه، يصغي للمتحدث، ويستمع للمتكلم، يستوقفه السائل في جنبات المسجد الحرام أو أثناء ذهابه للمسجد المجاور لبيته أو في إيابه، فيقف ويقضي حاجته، ويجيب عن مسألته، ويرشده لحل مشكلته، وهكذا قد تستوقفه المرأة في ممرات المسجد الحرام لتسأل عن دينها، أو تطلب من الشيخ معونة, أو يرقي ماء زمزم في قارورة، فيقف ويقضي حاجتها، وهكذا تراه في مكتبه وخلوته بالمسجد الحرام يتردد عليه العلماء، والأمراء، والوزراء، والوجهاء، والأغنياء، والفقراء، لا يرد أحدًا، ويحتفي بالجميع ويضفي عليه من خلقه وكرمه.
أما وسطيته وحكمته، فأمر ملاحظ في سمته وتعامله، وفتاويه، ومن مظاهر وسطيته وحكمته؛ مواقفه الراسخة وثباته في كثير من الأزمات والملمات التي عاصرها، وتحذيره من الغلو، وإدخاله في تطوير خدمات المسجدين الشريفين كثيرًا من التقنيات الحديثة رغم اعتراض بعض المشايخ عليها، ومن مظاهر سداد إرشاداته وتيسير توجيهاته للناس في الأحكام الشرعية كمسائل الصلاة، والصيام، والحج والعمرة، والطلاق، وآراؤه مبنية على فقه التيسير المتفق مع روح الشريعة، وقواعدها، ومقاصدها، مع مراعاة حال السائل.
وقد وصفه الدكتور سامي بن أحمد الزمزمي في مقال له بعنوان الشيخ محمد السبيل يستحق التكريم قائلًا: " الحق أن أهل العلم الكبار والحذاق من طلاب العلم المعتدلين يعرفون قدر الشيخ، ويعلمون أن معاليه علامة فقيه، ولغوي، ومفسر، ملم إلمامًا دقيقًا بعلوم الشريعة الإسلامية وقواعدها، وأصولها، ومقاصدها، وسياستها، متبع للدليل، معظم للسنة في حاله ومقاله، والمعاشر للشيخ والمتردد عليه، والمطالع لما حرره من بحوث، والمتابع لخطبه يدرك ذلك، ومع علو كعب الشيخ في العلم والفقه، نلاحظ أنه تميز كذلك بالجانب الروحي والسلوكي والتربوي في تعامله وتوجيهاته للعموم، مع الرفق واللين، والشفقة والرحمة، فيصدق أن ينعت الشيخ بالعالم الرباني المربي".
المصدر : جريدة المدينة: 18/2/1434هـ 31/12/2012م، العدد:18149 .