كيف التوفيق بين حديث وابصة رضي الله عنه الذي فيه : «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك » وبين قول الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [النحل:43] ؟
حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه قال : « رأيت رسول الله e وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألت عنه ، فقال لي : ادن يا وابصة ، فدنوت منه ، حتى مست ركبتي ركبته ، فقال لي : يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه ؟ قلت : يا رسول الله أخبرني ، قال : جئت تسأل عن البر والإثم ، قلت : نعم، فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ، ويقول : يا وابصة استفت قلبك ، والبر ما اطمأنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في القلب ، وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك» رواه أحمد ، والدارمي ، وأبو يعلى ، والبيهقي في شعب الإيمان([1]) .
فمعنى الحديث أن يستفتي الإنسان قلبه لمن كان مثل وابصة ، عالمًا بأحكام الشرع ، وعنده من العلم ما يطمئن إليه ، أما الجاهل أو العامي ، فلا يستفتي قلبه وإنما يسأل أهل العلم ، كما قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) وعليه فليس ثمة تعارض بين حديث وابصة والآية . والله أعلم .
([1]) مسند أحمد ، رقم (18001) ، سنن الدارمي ، رقم (2575) ، ومسند أبي يعلى ، رقم (1586)، وشعب الإيمان ، رقم (6888).